ثوار كلينتون!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا - 

ما يجري تناوله في الوسائل الإعلامية الأمريكية والعربية حول علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بثورات ما يسمى الربيع العربي، وتحديداً في اليمن، وارتباطها برموز تلك الثورات، وبطبيعة الحال في واجهة كل هذا "الثائرة" توكل كرمان "الحائزة على جائزه نوبل"، لا يكشف إلا جزءاً بسيطاً من المشهد الذي كنا نعرفه بتحليل الوقائع على الأرض وكل هذا لا يضيف شيئاً إلا في جانب واحد، وهو إظهار الأمور على حقيقتها بأدلة قاطعة لأولئك عميان البصر والبصيرة!!
بكل تأكيد، الدور الذي لعبته بعض الدول ووسائل الإعلام التابعة لها كان بالنسبة لنا أمراً مشكوكاً في حقيقة اعتبار أنه يأتي في سياق نزعات هذه الدول الثورية وطبعاً تركيا ومن لف لفها في المقدمة، وهي لم تكن في يوم من الأيام ثورية ولا مع حقوق الشعوب ولا مع العدالة الاجتماعية ولا مع الديمقراطية أو حقوق الإنسان... لهذا لم يمر على كل من كان ينشد تغييراً جدياً في واقع شعوبنا ومجتمعاتنا ودولنا، واعتقد ألا أحد لا يتطلع إلى بناء دول ديمقراطية حقيقية تسودها قيم العدالة والمواطنة المتساوية. وكان السؤال المطروح خاصة بعد أن بدأت تتجلى ملامح الفوضى: هل ما يجري سيؤدي إلى ذلك أم إلى المزيد من الفتن والصراعات والحروب العبثية؟!
جاءت الإجابة سريعاً بالمزيد من الفوضى والصراعات والحروب التي تأتي في سياق مخطط متكامل لتقسيم المنطقة، واليمن في مقدمتها، من أجل السيطرة الجيوسياسية على المواقع الاستراتيجية ومكامن الثروات.
إنه سيناريو جديد للشرق الأوسط الكبير بعد أن فشلت سيناريوهات كونداليزا رايس، فكانت المهمة مسنودة للإخوانية الإسلاموية الليبرالية والداعشية معا، وأدوار دول الخليج، وباتجاهات مختلفة وأحيانا متعاكسة كانت حاضرة في كل هذا الخراب والدمار والفوضى.
ما حدث في تونس، التي مثلت الحلقة الأضعف لتنفيذ هذا المخطط، كشف العلاقة القوية بين الإخوان ممثلين براشد الغنوشي، كأحد أبرز وجوه الإخوان المسلمين في المغرب العربي، وكان زعيم تنظيم النهضة، ونجحوا سريعا بالصعود تنفيذا للمخطط الأمريكي. وجاء الدور بعدئذ على مصر، حيث تمكن الإخوان من إسقاط مبارك والوصول للسلطة، إلا أنه سرعان ما سقطت الأجندة الأمريكية الإخوانية.
 وجاء الدور على سوريا وليبيا واليمن، حيث أثبتت الأحداث التي شهدتها العلاقة الأمريكية الإخوانية الداعشية بوضوح، وما كشفت عنه مراسلات هيلاري كلينتون وتواصلها مع الرموز الإخوانية التي قامت بتجنيدهم واستعانت بهم لتمرير المخطط الأمريكي الفوضوي التدميري بإشعال ثورات الفوضى العربية ليس إلا القليل القليل من حقيقة هذا المخطط الواسع والكبير، والذي كنا نحذر منه منذ البداية.
الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومعهما الكيان "الإسرائيلي"، كانوا المخططين، ووجدوا في تركيا وبعض دول الخليج الأداة المناسبة للتنفيذ، وبدا ذلك واضحاً من خلال أدوارهم المعلنة في سوريا وليبيا وفي مصر واليمن. وقد ساهموا جميعاً في تأجيج تلك الفوضى بالدعم السياسي والإعلامي والمادي.
بعد حوالي 10 سنوات من هذه الفوضى التدميرية العدوانية تتضح اليوم للكثيرين حقيقة الأجندة الأمريكية الإخوانية الفوضوية، بعد أن استطاع الإعلام المساند تغييب عقولهم.
وما يحدث في اليمن منذ قرابة 6 سنوات هو جزء من هذا المخطط التخريبي التدميري وتلك الأجندة التي فضحها اليمنيون منذ وقت مبكر كما فضحها السوريون.
في اليمن وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في "الثائرة" توكل كرمان مرادها، وهي التي كانت قبل هذه الأجندة عبارة عن خيمة متحركة وفجأة تتحول هذه الإخوانجية المتزمتة إلى فتاة ليبرالية متحررة تقود المظاهرات وتعقد ورش العمل لتثوير المجتمعات دون رؤية أو مشروع أو برنامج، والنتيجة أن اليمن ذهبت إلى هوامير الفساد والعمالة ومشاريع التمزيق والعدوان الخارجي الذي يعد الطرف الرئيسي في استدعائه حزب توكل كرمان وبقية ثوار السيدة هيلاري، وذهبت توكل إلى جائزة نوبل وتركيا والإشراف على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

أترك تعليقاً

التعليقات