يكذب ألف مرة من يقول إن هناك إعلاماً حيادياً، وخاصة في بلداننا العربية، وأن بعض الأنظمة العربية أوجدت مساحة واسعة من الحرية عبر القنوات الفضائية المعروفة، والتي يتابعها ملايين العرب والمسلمين.
ولكن قبل أن نشخص هذه الحيادية، لابد أن نتعرف على المعنى المعروف والمتداول للحيادية، فما مفهوم الحيادية لدينا؟
الحيادية تعني المصداقية وعدم الانحياز لطرف ضد آخر..
الحيادية تعني إعلاماً حراً لا يتلقى توجيهاته من هذا النظام أو ذاك..
هذا مفهوم الحيادية الإعلامية، وبكلمات بسيطة لا تحمل أي تعقيد.. وهي الكلمات التي تصل لذهن القارئ والمتابع البسيط.
ومن هنا نقول إن الحيادية الإعلامية بمعناها المتضمن للمصداقية والوضوح وعدم الانحياز، منعدمة تماماً في الإعلام العربي، وحتى في الإعلام الغربي..
والمتسيد حالياً هو إعلام الأنظمة الاستبدادية.. إعلام المصالح.. إعلام الدفع المسبق..
هذه الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها.. ومن يقول غير ذلك فهو كاذب ألف مرة ومرة!
لا تحصروا انعدام الحيادية والموضوعية والرأي الآخر في الإعلام والصحافة العربية.. حتى الأنظمة الديمقراطية التي تدعي حمايتها للحريات والرأي الآخر، لديها سياساتها، ومن هنا فإن إعلامها لا يتعارض مطلقاً مع سياسة أنظمة بلدانها..
الأنظمة الديمقراطية تتبع سياسة مزدوجة في تعاملها مع الأحداث من بلد لآخر، وكذلك إعلامها.
وإن وجدت وسائل إعلامية حرة إلا أنها محدودة، وفي النهاية هناك خطوط حمراء ينبغي عدم تجاوزها.
المعايير المزدوجة هي المتسيدة في الإعلام كما في سياسة الأنظمة..
هذه حقيقة لا زال البعض يرفض استيعابها.. وتحت مطلب المزيد من الحرية التي ينادي بها هؤلاء يأتي ليستشهد بالإعلام الغربي، ويقول لسنا أحسن منهم.. ونريد أن نعيش نفس الأجواء الديمقراطية والحرية التي يعيشونها..!
منذ العام 2011م والبلدان العربية تعيش أجواء الحرية التي طالبت بها شعوبها، ونراها اليوم قد عكست هذه الأجواء بأوسع معانيها، وبدأ واقعها ينعم بالأمن والأمان والهدوء والاستقرار، وبوجود صحافة حرة مترجمة للديمقراطية بأسسها ومبادئها العامة..، ولم تعد هناك أية شكاوى تصدر من هذه المجتمعات من جراء التضييق الذي كان يحيط بها سابقاً، وأقصد قبل الثورات الربيعية..!
تابعوا القنوات العربية وغير العربية التي يتباهى بها البعض العربي، وإن اختلفت آراؤهم حولها من قناة لأخرى.. تابعوا خطابها.. توجهها.. سياستها الإعلامية عامة..
هل وجدتم أن سياستها الإعلامية ظلت ثابتة طيلة السنوات السبع الماضية، وتتناول مجمل القضايا بحيادية، أم شابها التغيير بحسب الأحداث الواقعة والمرتبطة بأنظمتها وسياسة بلدانها؟!
بدت تلك الوسائل الإعلامية (القنوات الفضائية) متقلبة ومنحازة كلياً للأنظمة التي تتبعها وتمولها..، ورأيناها كيف تعاملت مع مجمل القضايا والأحداث الحاصلة في بلدان عربية خلال السنوات السبع الماضية..
نصل من كل ما قلنا إلى أن وجود إعلام حيادي مهني حر وغير منحاز في بلداننا العربية، يعد ضرباً من الخيال، ولا يمكن أن نصل إليه مهما طالبنا، ومهما كانت توجهات من وصل إلى السلطة..
المصدر راسل القرشي
زيارة جميع مقالات: راسل القرشي