راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا

منذ ظهور الوهابية قبل ما يزيد أو يقل عن قرنين، وحتى ظهور النفط وتوسع الدولة السعودية الثالثة على حساب كل جيرانها في شبه الجزيرة العربية، وحصول الزواج على المذهب الكاثوليكي بين الوهابية وحركة الإخوان المسلمين بعد سنوات من ظهورهم عام 1928م، ومنطقة الجزيرة العربية لم تعرف الاستقرار، وتتعرض للتقسيم والصراعات والهزائم مع العدو الإسرائيلي.. 
الدولة السعودية الوهابية وفي مواجهة النهوض القومي العربي الإسلامي، وجدت في دعوة الإخوان المسلمين لدولة الخلافة الإسلامية التي لا يمكن أن تعود بتخطيط أمريكي صهيوني، وجدت فرصتها لتقويض أي مشروع قومي.. واليوم لا دولة خلافة إسلامية ولا وحدة عربية ولا مشروع قومي.. والأسوأ من هذا أن كل ما عمله النظام السعودي الوهابي سيرتد عليه.
الوهابية السعودية أضرت بكل المجتمعات الإسلامية، وعملت على مواجهة كل دعوات التصحيح والإصلاح والفكر الإسلامي المتجدد التي جاء بها كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي ورفاعة الطهطاوي، الذين يمثلون رموز التجديد في الفقه الإسلامي ودعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي.
دعوات قادة الفكر الإصلاحي الإسلامي هدفت إلى القضاء على الجمود الفكري والحضاري، وإعادة إحياء الأمة الإسلامية لتواكب متطلبات العصر.. وهذا ما لم تستوعبه الوهابية التي أرادت أن تفرض نفسها بمذهبها التحريضي التكفيري المتطرف على الواقع العربي والإسلامي.. وبدأت أفكار التطرف تأخذ مكانها في أكثر من منطقة مع اجتياحها للدول الإسلامية، التي بدأت تنتشر فيها دعوات ترفض الآخر المختلف، وتدعو لمحاربته وتكفيره ورفض كل ما يطرحه من أفكار تتعارض مع الوهابية، حتى وصل ببعض دعاتها ومشائخها إلى تشويه كل المدارس الإسلامية الأخرى، وفي مقدمتها الأزهر الشريف.. بالإضافة إلى مدارس الصوفية التي قال عنها محمد عبده: (لم يوجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس، وأنه بضعف هذه الطبقة فقدنا الدين).. كرد مباشر على الوهابية التي اعتبرتها من البدع والعادات التي شوَّهت جمال الدين، وقالت إنها سبب من أسباب سقوط المسلمين في الجهل..!
لقد قادت الوهابية المجتمعات الإسلامية إلى كل هذا الجهل والتجهيل الذي تعاني منه اليوم، وانعكس تلقائياً على نظرة المجتمعات الغربية للإسلام والمسلمين، ووصمهم بالإرهاب والإرهابيين..
لن نعود إلى الوراء كثيراً لنؤكد النظرة الوهابية الهدامة للإسلام والمسلمين، وإنما سنعود للعام 2016م، أي قبل نحو عامين من الآن، ونذكر بما قاله مشائخ ودعاة الوهابية في الكويت عندما عقدوا مؤتمراً رداً على مؤتمر غروزني الذي رعاه شيخ الأزهر، وشارك فيه أبرز علماء أهل السنة في العالم.. ورفضوا فيه جعل الوهابية من المدارس الدينية لأهل السنة والجماعة.
ولأن الوهابيين وحلفاءهم الإخوان المسلمين يحاولون دائماً الكلام بلسان غيرهم، فقد جمعوا بعض أشباه العلماء في الكويت، ليردوا على الأزهر، ضمن حالة التنافر القائمة بين التيارات والمدارس الدينية لأهل السنة والجماعة..
وذهب هؤلاء الدعاة الى الإساءة لمؤتمر غروزني ومشائخه وتكفيرهم ووصفهم بأنهم دعاة جهل وتجهيل، وهدفهم ليس جمع الإسلام والمسلمين، وإنما تشتيتهم وتفتيتهم .. والتأكيد على أنهم وحدهم هم أهل السنة والجماعة، وما دونهم أدعياء ولا علاقة لهم بالسنة والجماعة..
وهنا يتضح أن الوهابية والإخوان المسلمين هما تيارا التفسيق والتبديع، وهما أساس تشويه الإسلام وتلبيسه لباس التطرف والإرهاب.. وهما وراء وصف المجتمعات الغربية للإسلام بدين الإرهاب.
تحالفوا مع الهاوية وقدموها وصوروها كخيار وحيد لأحقيتهم المطلقة في ما يدعونه ويقولونه عن الإسلام وعن كل المخالفين لهم من المدارس الإسلامية الأخرى.
الوهابية وجماعة الإخوان المسلمين بكل تياراتها هم وحدهم من يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الكثير من البلدان الإسلامية من تفكك وصراع وتنافر وتشدد وعصبية أثرت على حالة الأمن والاستقرار وعلى وضعها الحالي الذي تعيشه وتعاني منه.
والمشكلة أن هؤلاء لا زالوا يصرون على أنهم دعاة التجديد.. وطبعاً التجديد المصحوب برفض الآخر وتكفيره والدعوة إلى قتله!

أترك تعليقاً

التعليقات