ديمقراطية شيكا بيكا!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

طيلة الأسابيع الماضية والولايات المتحدة الأمريكية تشهد صخباً غير مسبوق كشف عن حقيقة ديمقراطيتها وأبان عوراتها التي انتهت باقتحام مبنى الكونجرس من قبل الرعاع المناصرين للرئيس المنتهي ولايته دونالد ترامب الذي أعلن منذ البداية عن تزوير كبير شهدته العديد من الولايات الأمريكية، ورفض الاعتراف بنتيجتها وفوز بايدن.
بدت الولايات المتحدة بانتخاباتها الأخيرة في موقف محرج، كما تعرت حقيقة الديمقراطية التي ظلت طيلة سنواتها الماضية تتباهى بها وتعمل على تصديرها وفرضها في إطار الإصلاحات التي تطالب بها معظم دول العالم.
هكذا كشف ترامب المتعجرف والأحمق والمثير للسخرية عورات هذه الديمقراطية بصراعاتها وتناقضاتها، وذهب صوب وصف الديمقراطيين بسراق الانتخابات وتزويرها. وبدا الحزبان الرئيسان في "أمريكا شيكا بيكا" في حالة تخبط لا يحسدان عليه!
ديمقراطية التلاعب والتزوير الأمريكية، والصراعات التي طفت على السطح، كشفت عن المفهوم الحقيقي لديمقراطية الضحك على العقول التي خدع بها العالم طيلة العقود الماضية، أو هكذا سوّق النظام الأمريكي لنفسه في العالم أنه حامي الديمقراطية والحريات، في حين لم تكن أمريكا سوى حامية للأنظمة الاستبدادية ما دامت تخضع لحمايتها وتذعن لمصالحها، ومنطقتنا مليئة بالشواهد.
فهل ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية بتفاصيلها التي شهدتها مؤخراً ولم تنتهِ أحداثها بعد، هل ما زالت مصرة على أنها معقل الديمقراطية في العالم؟! أم أنها ظهرت أسوأ من ديمقراطيات الأنظمة الأوليجارشية في أمريكا اللاتينية والأنظمة الثيوقراطية في عالمنا العربي والعالم الثالث؟!
نعم، لا فرق بين انتخاباتهم وانتخابات الدول النامية، فالصورة نفسها تسيّدت المشهد، وتعالى صراخ التزوير الرافض لنتائجها حتى وصل عنان السماء، وسمعه العالم الذي ذهب في اتجاه الضحك والسخرية من ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية التي ظلت وما زالت تحكي عن ديمقراطيتها التي لا تشبه شيئاً على الإطلاق، وهي حقاً لا تشبه شيئاً!!
إنها الديمقراطية الأمريكية التي تكشفت عناوينها واتضح أنها لا تختلف كثيراً عن ماخور لإنتاج الزيف والتضليل والغش والخداع، وباسمها يذهب قادتها للتدخل في شؤون البلدان الضعيفة والتحدث عن الحريات وحمايتها وحقوق الإنسان واحترامها حتى تحولت إلى مصدر دخل لأربابها وكهنتها الأمريكيين.
أحسن ترامب حقاً كونه عرى هذه الديمقراطية وكشف حقيقتها البائسة، وأثبت أنها ليست أكثر من لعبة لا تحتكم للدستور والقانون بقدر احتكامها للشيطان الذي تختبئ خلفه الإدارة الأمريكية!
ولأن ترامب عرى وكشف الحقيقة المخفية للديمقراطية المزيفة تعالى صراخ المطالبين بمحاسبته وعزله من الحزبين المسيطرين على اللعبة السياسية الأمريكية باسم الديمقراطية، والهدف إنقاذ سمعة الولايات المتحدة الأمريكية ديمقراطياً وسياسياً.
ومع ذلك أصبحت أمريكا "سمعة" بالمعنى اليمني، وبالمعنى العام دولة لا يشرف التشبه بها إلا بعض الأنظمة والتافهين من أنصاف المثقفين.
والخلاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية ما بعد ترامب لن تكون كما قبله.

أترك تعليقاً

التعليقات