تساقط أوراق الخيانة
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

ليست أول ولا آخر الأوراق التي تكشف تعرض اليمن للخيانة من قبل "شلة" الفساد. ولن يستوعب البعض مدى ما وصل إليه البعض من السقوط في مستنقع الخيانة، خاصة وأن هؤلاء الساقطين وبمساعدة مستشاري الدعاية قد ملؤوا الدنيا صخباً وفي كل مناسبة بالحديث عن الوطنية والجمهورية والمنجزات… إلخ. لقد كان سركا بحق، وربما هذا ما يفسر قيام حكومتنا بكشف الأوراق بالتدريج، وذلك لمنع انصدام الناس بالحقيقة فجأة، حقيقة ما كان يجري خلف الكواليس من قبل شلة الخونة الذين تسلطوا على رقاب الناس ردحا من الزمن.
بالنظر لما تم الكشف عنه، يوم الخميس، وبمراجعة الكثير من الوقائع والأحداث التي تلت، نجد أن كل شيء أصبح مفهوما ومنطقيا. فكما نعلم جميعاً فإن جهاز الأمن القومي الذي كان الخائن عمار صالح وكيلاً له في عهد النظام السابق كان يحظى بدعم جهات خارجية أهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وكلنا سمعنا أن معايير الانضمام والتدريب والتسليح كانت أمريكية بامتياز، وهناك تصريحات حكومية في تلك الفترة تحدثت عن تعاون بين حكومة اليمن في حينه وحكومة أمريكا، البلد "الصديق"، كما أطلق عليها آنذاك!!
وكانت تحركات السفارة الأمريكية في صنعاء تشير إلى زيادة نفوذها في اليمن. كما أن عفاش وحكومته كانوا يحاولون جاهدين ألا يكون مصيرهم كمصير حكومة صدام في العراق، لذا فقد اندفعوا في تعاملهم مع الأمريكيين. ومن ناحية أخرى كانوا بحاجة الغطاء الأمريكي لضرب حزب "الإصلاح" الذي بات ينافس حزب عفاش في تقاسم النفوذ حتى وصل للمنافسة على كرسي الرئاسة. وكان عفاش لا يفوت مناسبة دون تحريض الأمريكيين على "الإخوان".
كانت القبضة الأمريكية تشتد ببطء والنظام يداهن بعدما رأى أنه كلما ازداد خضوعاً يتقلص نفوذ "الإخوان" أيضاً. ولكن "الإصلاح" لم يسكت وبدأ يلتقي بالأمريكيين أيضاً. ولعب الأمريكان لعبة التوازنات مستغلين هذا التنافس حتى يزداد نفوذهم، وبدؤوا يطلبون أموراً لم يكونوا يتجرؤون على عرضها بوضوح في السابق.
تتوالى الأحداث، وصولا للعام 2011 وما حصل فيه من تداعيات هذا التنافس ووصول الدنبوع لكرسي الحكم، بعدها تم استكمال المشروع الذي استهدف الدفاعات الجوية بنقل معظم بطاريات الدفاع الجوي وتدميرها، ورفض صفقة شراء دفاعات جوية حديثة من ألمانيا، كان قد رفضها عفاش سابقا، وازدياد الحوادث الغامضة لسقوط الطائرات الحربية، ثم استهداف عناصر الأمن والجيش وأهم كوادر الدفاع الجوي، لعل أبرزها قيام عناصر "القاعدة" بتفجير الحافلات التي تقل جنود وضباط القوات الجوية، واغتيال عناصر جهاز الأمن السياسي للتغطية على ما كان يجري.
لقد كان نظام العمالة غبياً إلى حد كبير، فقد كان همه تهريب ما تم نهبه من أموال إلى الخارج، والاستعداد بعدها لحرق كل شيء. ولكن ما فعله الأمريكيون خلال تلك السنوات كان يشير بالضبط لما سيأتي بعده من عدوان كان مازال يخضع للتخطيط في حينه. أما  النظام الساقط فكان يراهن آنذاك على أن الأمريكيين لا يمكن أن يقبلوا بالإخوان، لذا كان يعد أحمد عفاش ليكون البديل، وقدمه كشخص قابل للتعاون مع الأمريكيين وحلفائهم الخليجيين، ولم يكن يهتم بالثمن الذي يمكن أن يتحمله الشعب والبلد نتيجة هذا الطموح المجنون، لذا لم يستوعب أن الأمريكيين هم من دبَّروا عملية محاولة اغتياله بالتعاون مع "الإخوان" الذين اعتبرهم النظام الأمريكي أكثر فائدة من النظام المتهالك في المرحلة القادمة.
ثم أتت ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر لتصحح ما أفسده التنافس بين حزب عفاش والإخوان. وتمت محاولة تسوية الأوضاع باتفاق "السلم والشراكة" الذي لم يُرضِ السعودية وأمريكا، لذا اندلع العدوان الذي تم إعلانه من واشنطن، بعد أن تم تجريد اليمن من الدفاعات الجوية، وهيكلة الجيش الذي بات ضعيفا ومرشحا لسحب ما تبقى من سلاحه. وكانت التوقعات أن العدوان سيتمكن من حسم المعركة خلال أسابيع فقط!
لكن بفضل الله ورعايته، واستنفار الرجال الأحرار وصمود الشعب، استطاع اليمنيون امتصاص الصدمة وتمكنوا من الصمود والرد أيضاً، وهاهم بعد مرور خمس سنوات يعلنون عن أنظمة دفاعات جوية محلية مجربة وقابلة للتطوير ردا على عدوان غاشم اعتمد على القوة الجوية لتدمير وإخضاع البلد، وعما قريب بإذن الله سيتم قطع دابر العدوان ومرتزقته نهائيا، وسينقلب السحر على الساحر.
سلمت أيادي قواتنا المسلحة ولجاننا الشعبية التي اجترحت المستحيل وباتت تنتج وتصنع وتطور سلاحا قادرا على ردع المعتدين على شعبنا وبلدنا. ولا نامت أعين الخونة والعملاء.

أترك تعليقاً

التعليقات