الصماد شاهدا وشهيداً
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

كانت تجربة فريدة من نوعها تلك التي عاشها اليمنيون خلال فترة حكم الرئيس الشهيد صالح الصماد، كيف لا وهو من أتى بنهج فريد ليتعرفوا من خلاله على الصورة التي يجب أن يكون عليها الرئيس باعتباره خادما للشعب لا متسلطا عليهم؟! فقد اعتاد الناس لعقود أن يحصل الرئيس لنفسه على سلطات تضمن له أن يتحكم في مصير الشعب كما يشاء دون رادع، وأن يعتبر الحاكم نفسه فوق كل قانون، وهو يدير كل شيء ليصب في مصلحته هو وجماعته، وقد كان شاهدا على تغيير الوضع الذي عشنا فيه مدة طويلة حتى صار "تابو" متعارفاً عليه رغم ما يتضمنه هذا من ظلم وإجحاف للشعب وخروج عن الدور الطبيعي لمنصب الرئيس.
من منا لم يندهش وهو يراقب الرئيس الشهيد وهو يتصرف كواحد منا، بل وكان يعامل الجميع بالأسلوب ذاته المتواضع والواضح والكريم، حتى أن البعض انطلق لينتقد ما كان يقدمه الصماد -رحمه الله- من تضحيات ومواقف شجاعة عندما كان يذهب للجبهات معرضا نفسه وحياته للخطر. وقد تكررت هذه المواقف مرارا حتى ظن البعض أن الرئيس لم يستوعب الدور المناط به، في حين كان ذلك برأي البعض ممن كرهوا مواقف الصماد البطولية دليلا على فشله في تجسيد دور الرئيس الذي يجب أن يكون متسلطا وأنانيا، وهؤلاء عادة هم ممن فقدوا بقدومه ما كان بأيديهم من سلطات كانت تخولهم نهب وظلم الناس أيام حكومة العمالة والفساد، فحكومة الصماد كشفت ما كانوا فيه من خطيئة وغي، وأولئك المتسلقين الذين انضموا مع المسيرة طمعا في منصب أو منفعة.
لا يختلف اثنان على ما تمتع به الرئيس الشهيد صالح الصماد من نزاهة وورع وتقى وجهاد. ولعل ما كان عليه الشهيد هو ما أجرى له من محبة عند الله وفي قلوب عباده، فقد جمع الأطراف المختلفة بمنطق حكيم لتقديم مصلحة البلاد والشعب على كل التوجهات الضيقة التي كان الآخرون يسعون لتحقيقها. وقد تجلت حكمة الرئيس الشهيد بشكل واضح أثناء فتنة ديسمبر التي أريد من خلالها إسقاط اليمن واليمنيين في براثن الاحتلال. وقد استطاع الصماد في تلك الفترة أن يحافظ على تماسك المجتمع، رغم ما تم حشده من وسائل وإمكانيات من قبل دول العدوان لتحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه لسنوات أمام صمود اليمنيين وشدة بأسهم.
ختاماً، وختامه مسك، هل هناك ما هو أعظم وأجل من أن يرتقي شخص عظيم كصالح الصماد شهيدا؟! إنها خاتمة عرف المقربون من الصماد أنه طالما سعى لها في مواقف عدة، وبهذه الخاتمة العظيمة ضمن الصماد لنفسه أن يبقى حيا في ضمير الأمة التي خدمها بصدق منقطع النظير، وكان يحلم دائما بأن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه هذه الأمة العظيمة من أغلال العبودية لتستطيع أن تقوم بالدور الذي خصها الله به. وبدماء الصماد وشهداء هذه الأمة لا بد أن تتحقق لنا ولأجيالنا حياة الحرية والعزة والكرامة، وسنظل نتذكر رئيس الشهداء صالح الصماد كأيقونة للتضحية والفداء، ورافدا للصمود حتى تحقيق النصر بإذن الله.

أترك تعليقاً

التعليقات