مهرجان للفخر
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
تعود ذكرى الشهداء مجدداً لنتذكر نحن وأسر الشهداء الأعزاء بكل فخر أشرف وأعز من كانوا بيننا، ومن سطروا بدمائهم الزكية أروع الملاحم البطولية، وأعظم دروس الإباء والتضحية لنعيش أعزاء كرماء، والأهم لأجل أن نعيش أحراراً.
السؤال الذي يجب أن نواجهه في هذه الذكرى العزيزة هو: هل ما نزال محافظين على القيم التي ضحى من أجلها هؤلاء الأعزاء بأرواحهم؟ هل يا ترى تأثرنا بما فعلوه لأجلنا؟ هل أثمرت تضحياتهم وعياً وإصراراً وتحركاً في سبيل تحقيق أهدافهم؟ أم أننا لا نزال نعتقد أن أمرهم لا يعنينا، وأن تضحياتهم لم تدرأ عنا شقاء العبودية والإذلال والدمار؟!
يجب أن نفهم أنه لولا تحرك هؤلاء الأعزاء لعاث "داعش" و"القاعدة" في بلدنا فساداً كما حدث في بلدان أخرى، ولولا تحرك هؤلاء الكرماء لكانت بلادنا محتلة، وثرواتنا منتهبة، ورجالنا عبيداً، ونساؤنا جواري، وأطفالنا مسوخاً يؤخذون ليجندوا في معسكرات التجنيد لتذهب بهم أمريكا ليقتلوا مسلمين في بلدان أخرى، ولكانت أخبار بلادنا تنتقل عبر محطات التلفزة على أننا شعب متوحش وقاتل يستحق القتل، وهذا كله يحدث لبلدان أخرى كما نسمع ونرى، ولكن حالنا كان سيكون أسوأ من الآخرين، لأن الأعداء يحقدون علينا أكثر.
ما أراه شخصياً هو أن مناسبة أسبوع الشهيد لا تكفي، وأن هؤلاء العظماء كانوا يستحقون أكثر من صورة تعلق هنا وهناك لأيام، أو صناديق موزعة في المحلات تجمع التبرعات لأسرهم، أو معاشات لذويهم يتم صرفها شهراً ويتقطع لشهور.
الموضوع يتعدى المال رغم أهميته، والمفترض علينا كمجتمع أن نجد سبلاً أخرى لتكريم الشهداء وأسرهم، فتكريم الشهيد يجب أن يتم عن طريق تحقيق نظرته لما يجب أن يكون عليه حال مجتمعه، أن تخلد قيمهم عبر القضاء على الظلم تماماً، ابتداء من ظلم العدوان وانتهاءً بالظلم والفساد في الداخل، وبتخليد قيمهم وتربية الأجيال القادمة عليها في المدارس والجامعات، والسعي لتحقيق أهدافهم في كل مجالات حياة الناس.
أما تكريم أسرهم فيجب أن يتم بأن يحل المجتمع محل فقيدهم، فيقوم بحمايتهم وإعالتهم ورعايتهم، فلا يشعروا بفقد أعزائهم بألم وحسرة، وألا نسمح لضعاف النفوس أن يستغلوهم أو يقللوا من عظمة تضحياتهم، فلهم حق علينا أكثر من حق أسرنا علينا حتى، فنحن ما نزال قرب أهلنا في حال احتاجوا لنا، أما أسر الشهداء فمن لهم؟!
ليس من الضروري أن يكون الشهيد أحد أفراد أسرتي حتى أشعر بعظيم ما قدم، بل إن الأولى بنا جميعا أن نتحرك بجد تعبيراً منا وعرفاناً بما قدمه الشهداء انطلاقاً من حقهم علينا بما نعيشه اليوم وما سنحصل عليه مستقبلاً. وعلى الأقل فيجب علينا أن نكون مثالاً يحتذى به في الشرف والأمانة والصدق والإيثار لنستحق تضحيات الشهداء، ولكل من يعرف أسرة شهيد يجب عليه أن يمد يد العون لهم وكأنهم أهله، وإذا مررت يوماً بقرب قافلة تشييع لشهيد فلتقف لحظات إكراماً لهذا الشهيد، فأنت تشاهد رجلاً كريماً يرحل عنا بعزة وشموخ ليزف للسماء حيث يحتفى بقدومه.

أترك تعليقاً

التعليقات