لنكن «منهم» حقا!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
عندما قال النبي (ص): "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، فإن هذا يعني أن نطاق هذا الاهتمام لا بد من أن يجتاز الأسرة والحارة والمدينة والمحافظة والدولة والإقليم والعرق واللون... إلى آخر هذه التصنيفات. وكلمة "منهم" خطيرة فعلا؛ فقد أخرجت الشخص اللامبالي من إطار هذه الأمة، كما ترتب على هذا الأمر أموراً.
من هذه الأمور عدم الاعتراف بالنظرة المذهبية الضيقة، وعدم جواز أن يظل المسلم متفرجا على ما يجري لمسلمين آخرين ولو كانوا بعيدين عنه، وتعني أيضاً أن ما يؤديه المسلم من فروض دينية وشعائر لا يكفي لكي يحشر مع المسلمين، وتعني أنه لا يجوز أن يضع المسلم يده في أيدي أعداء دينه ليصفي حساباته مع فئة مسلمة أخرى، وتعني الكثير والكثير مما يرتكبه المجرمون اليوم باسم الإسلام وهم بعيدون عنه!!
من هنا جاءت خطورة العقائد التكفيرية التي بررت العمالة. ومن هنا أيضاً استطاع الكثيرون من "المسلمين" أن يناموا قريري الأعين وجزء من هذه الأمة يعاني من الظلم والاضطهاد والإجرام. وأخيراً: ها نحن نشاهد آثار ما حدث ويحدث بما وصل المسلمون لهذه الدرجة من الضعف والهوان!
من أسباب القوة التي كانت للنبي (ص) ما قام به من توحيد الأمة الصغيرة حتى كبرت. هذه الوحدة جعلت دينا يعد أتباعه بالأصابع ليصل فيما بعد لأبعد نقطة على وجه الأرض. هذه النظرة التي جعلت شعوبا بأكملها تغير نظرتها لمعتقداتها وعاداتها وتقاليدها، وأن تشعر بالانتماء الذي يتعدى اللغة والعرق والمكان والزمان.
هنا ندرك جناية الخيانة والعمالة، ونعرف بشكل واضح ما موقع هؤلاء عند الله من خسران وهوان، وآثار هذا الفعل الخسيس على من يفعله في الدنيا قبل الآخرة. كما ندرك أيضاً آثار اللامبالاة من قبل البعض الذين يعيشون بيننا وهم يشعرون بأنهم لا يجب أن يفعلوا شيئا، ويشغلون أنفسهم بآخر أخبار المسلسلات والمباريات والتفاهات في انتظار معجزة ما من كوكب آخر!!
هؤلاء من وصفهم الله بـ"الأخسرين أعمالا" وبـ"الغافلين" وبـ"الضالين"؛ ومن المخزي لهم أن نجدهم في يوم ما مذهولين وهم يحاولون تبرير خسارتهم وسوء تقديرهم؛ فقد خانوا أنفسهم قبل أن يخونوا أمتهم ودينهم. اليوم مازالوا في فرصة لتدارك ما فاتهم قبل أن يحق الله الحق وأهله، وليكونوا جزءا ممن شاؤوا، شرط أن يكونوا متأكدين أنهم ليسوا في صف عدو أمتهم أو مع من وضع يده في أيدي أعداء دينه، ولا في صف من يداهن ويتعامل مع المجرمين ضد المسلمين في أي بقعة من بقاع الأرض، وعلى أساس هذا الاختيار فليتحملوا مسؤولياتهم. والعاقبة للمتقين.

أترك تعليقاً

التعليقات