من يقتل أطفالنا؟!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
ليس الموضوع بعادي، ولا العدد بقليل، ولا الحادثة «قضاء وقدر» والسلام!! هؤلاء أطفال يمنيون، وقُتلوا غيلة بأيدي مهربين قذرين، وبمساعدة أجهزة رقابة كان المفترض بها أن توقف هذه الأدوية قبل أن تدخل الأسواق، وهناك تواطؤ من أجهزة رقابية أخرى لا تقوم بواجبها، وسمحت لهذه الأدوية بأن تصل إلى المريض الذي كان يعتقد أنه بين أهله وناسه، وتناول هذا العلاج وهو آمن وممتن ممن مد له يده بدواء يخفف آلامه!
بيان وزارة الصحة كان صادقاً في جزء منه، والمعتدون يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية؛ كونهم حاصروا حتى وصول الدواء لنا، وهؤلاء الأطفال المظلومون يجب أن يضافوا إلى قائمة الحساب بيننا وبين دول العدوان؛ ولكن...
نحن أيضاً يجب أن نحاسب كل من له ضلع في المسألة، وليس من المقبول أن نعفي أي شخص متورط في الموضوع، سواء كان قاصداً أم مهملاً، وسواء كان مجرد موظف أم وزيراً!
من المؤسف أننا سنضطر مجددا للاعتماد على القضاء، وهذه القضية لن تؤخذ بجدية؛ كونها لا تتعلق بأموال، وسيتم البت فيها «كيفما قسم». هذا الموضوع يجب أن يأخذ حقه من الاهتمام، حتى لا يتكرر؛ رغم أني أؤكد لكم أن هناك أخطاء وجرائم فضيعة تحدث كل يوم دون أن تنال أي اهتمام، ولولا عدد الضحايا هذه المرة لما لقي الخبر كل هذه التغطية والاهتمام.
هناك مقولة رائعة لتوني موريسون تقول: «تحتاج إلى قرية كاملة لتربية طفل»، بمعنى أنه لكي تربي طفلك فإن البيت وحده لا يكفي، فالمجتمع من حولنا -شئنا أم أبينا- يؤثر في تركيبتنا النفسية وقيمنا الأخلاقية، فما بالكم بالأمان؟!
لقد دفع هؤلاء الأطفال ثمن فسادنا وتواطؤنا، فنحن ربينا ذلك المجرم الذي قام باستيراد هذا الدواء، وذلك الذي وافق على إدخاله، والذي نقل، والذي باع، والذي أهمل، والذي سكت... كلهم قتلوا هؤلاء الأطفال، ونحن المسؤولون أيضاً عن محاسبة كل شخص أو جهة لها ارتباط بهذه الجريمة، ونحن مسؤولون أيضاً عن تربية أبنائنا حتى لا يكونوا مثلنا ومثل هؤلاء الفاسدين، ولكي لا يدفعوا ثمن فسادنا قبل أن يكبروا حتى!
باسم كل يمني، نشد على يد وزير الصحة والنائب العام أن يتخذا كل ما يمكن من إجراءات حتى نضمن أن يحصل أسر الأطفال على حقهم، وأن يتم ضمان عدم تكرار ما حصل، ودراسة الأرقام والإحصائيات لاكتشاف مواطن الخلل والإهمال، ومعالجتها بعون الله... وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونصيحة للأخ الوزير وكل مسؤول: حاول أن تتنكر، وجرب أن تدخل مستشفى ما لكي تتعالج مثل أي مواطن عادي، وخاصة قسم الطوارئ في أكبر مستشفى لدينا، فماذا ستجد؟! لا يوجد نقص في الكوادر ولا الإمكانيات، بقدر ما ستجد من نقص في الإنسانية! صدقني، إني أدعو الله ليل نهار أن يبعدني عن المستشفيات والمحاكم في بلادنا!

أترك تعليقاً

التعليقات