شغلوا عقولكم!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه عن حدث غريب يأتينا من جهة المرتزقة، حتى نكاد نقسم أن العقلاء فيهم انقرضوا!! وإلا من العاقل الذي سيقبل شخصا مجنونا ليحكمه وهو يتصرف بهذا الشكل الغريب؟! وحتى ولو افترضنا أن هؤلاء تم فرضهم على الناس بالإكراه، لأن “مبس” يريدهم على شاكلته حمقى ومجانين، فعلى الأقل يستطيع المواطن هناك أن يهتم بشأنه ويطالب بحقوقه من خدمات أو حتى أن يطالب بكشف ملابسات تدهور الأوضاع الأمنية، وهو من يعيش غير آمن على بناته وأولاده (ولا على نفسه) من الاغتصاب والخطف، ومن تدهور الاقتصاد والأخلاق والحياة!
هناك سعار من أنواع شتى ظهر بعد أن وضع المحتلون أقدامهم القذرة على سواحلنا الجنوبية؛ فهناك سعار شذوذ أخلاقي أدى لحدوث اغتصابات لا تستثني أحدا، نساء ورجالا، صغارا وكبارا، حليقين وملتحين! وهناك سعار الاختطافات بسبب ودون سبب، وهناك سعار الكراهية نحو كل شيء، كراهية الشماليين إجمالا، وكراهية الجنوبيين لبعضهم، وكراهية الإسلاميين والملحدين، وكراهية الخيانة والوطنية، وكراهية الاحتلال والحرية، بل وكراهية الحياة برمتها!
قد أتفهم أن تكره نفسك لأنك اتخذت قرارا ثم اكتشفت أنك كنت مخطئا؛ ولكن ما لا أفهمه هو لماذا تتمادى في غبائك بعد أن أدركت أنك على خطأ؟! ما الذي يجبرك على أن تتحمل نظرات أبنائك وهم يدققون النظر في أذنيك ليكتشفوا أين يخفي هذا الحمار أذنيه الطويلتين؟!! العالم برمته اكتشف أن السعودية أتت لتبقى، وأتت لتحتل ولتستعبد، إلا الإخوة في الجنوب!! ما زال هناك من يعتقد بأن السعودية ستعطيه مفتاح الجنوب وتحمل قواعدها وترحل!!
أنا لا أتحدث هنا عن المرتزقة، فقد اتخذوا قرارا بأن يبيعوا كل شيء مقابل المال، متخذين من مبدأ الرئيس (عبدو السيسي) شعارا لهم حين قال: “أنا لو ينفع أبيع نفسي، هبيع!”، ولكني أتحدث هنا عن المواطن الجنوبي المنكوب، الذي أصبح أقرب للمريض النفسي، بسبب كثرة ما يلاقيه، ولأنه لا يجد مبررا يرضي ضميره وعقله، فهو تخلى عن الإرادة في الفهم وسلم زمامه للمرتزقة وانقاد يتبعهم دون اعتراض. ربما هو ينتظر أن يصحو من نومه ليجد أن كل ما يحدث ما كان إلا كابوسا فقط!!
الاحتلال يتعمد أن يقسمنا طائفيا ومناطقيا واجتماعيا. ولو كان الأمر بيده لقسم المواطن اليمني إلى أجزاء كما فعل بخاشقجي من قبل؛ ولكنه لا يمتلك حقائب تكفي جثث كل اليمنيين! لذلك فالأسهل عليه أن يجعلنا نقطع أنفسنا بأنفسنا؛ فهذه الطريقة الأضمن، لأنه يعرف أننا لو توحدنا فلن نتوقف إلا داخل قصر اليمامة بعد أن فشل في مشروعه الاحتلالي لليمن بالقوة. لذلك يا إخوتي في الجنوب العزيز أسألكم بالله شغلوا عقولكم! فهم لا يريدون شمالا وجنوبا، بل المخطط أخطر مما يمكن لخيالكم تخيله.
الطريف هذا العام أن العليمي أرسل خطابا إلى مشغليه يستفتيهم: هل يجوز أن يحتفل بعيد الوحدة هذا العام أم لا؟! المسألة ليست احتفالات يا صاحب دكان “الشرعية”؛ المسألة مسألة استقلال وحرية وكرامة، وهذه أشياء لا تعرفها بالطبع، وإلا لكنت حرا تعرف ماذا يجب عليك أن تفعل!

أترك تعليقاً

التعليقات