الأوهام بضاعة الحمقى!
 

عبدالملك سام

 عبدالملك سام / لا ميديا -
إنه يوم عادي من أيام العدوان، ليلة تجتمع فيها أسرة يمنية طيبة حول مائدة العشاء، والأب يعدل من نظارته الكبيرة فوق قصبة أنفه حتى يستطيع رؤية الأرقام الصغيرة على جهاز المذياع ليستمع لآخر الأخبار، والأم تداعب رأس حفيدها النائم في أحضانها وقد رسم على شفتيه ابتسامة رضا كأنه يحلم بالألعاب وأكل الحلوى مع أقرانه.. كل شيء يبدو جميلا حتى سمع الجميع صوت طائرة تحلق وهي تبحث عن هدف ما، وجاء صوت صفير صاروخ يخترق أجواء الليلة الصامتة، فيبدأ الشيخ الضعيف بتلاوة الدعاء بصوت خافت حتى يستطيع سماع ما يدور خارج البيت الهانئ.. وفجأة، يلتمع الضوء، وينتشر الصراخ والبكاء وسط عاصفة الغبار والنار التي انتشرت لتلتهم كل شيء، وفي لحظة يصمت الجميع الذين يبدو أنهم لم يجدوا فرصة لمعرفة ماذا حدث لهم!
صحيفة الصباح كتبت: "غارة لطيران العدوان السعودي الأمريكي على منزل بمحافظة… تودي بحياة أسرة بكاملها…"، وفي مكان آخر بمحافظة مأرب المحتلة يجتمع قادة حزب "الإخوان" ليحتفلوا بالجريمة، فقد تم قصف المبنى الذي رفعوا إحداثياته على أنه المنزل الذي يختبئ فيه قيادي "حوثي"، بينما يعلمون علم اليقين أن المنزل ليس فيه قيادي ولا أي شخص يمكن أن يمثل هدفا، ولكنهم أرادوا التخلص من إلحاح الضابط السعودي الذي ظل يطالبهم بهدف ما لتحقيق أي نجاح معنوي لجيش ضعيف يتلقى الصفعات في جبهات القتال أمام رجال اليمن الأشداء، وبالطبع لم يجد العملاء الملتحون أمامهم سوى أن يعطوه هدفا ما ليستطيعوا المطالبة بالمزيد من المال المدنس!
آلاف الغارات تمت بالطريقة ذاتها، وقصص القتل والتدمير أصبحت أكثر من أن تحصى، والأمم المتحدة عبرت عن "قلقها" مئات المرات، لقد هيأ الإخوان المبرر لارتكاب الجريمة، والأمم الصامتة هيأت الغطاء للمجرم لارتكاب آلاف الجرائم بدم بارد، والجميع شركاء للمجرم في ما يفعله باليمن واليمنيين.. هل هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها الإخوان العملاء في الجرائم ضد أبناء شعبهم؟! بالطبع لا.. وخلال تاريخهم القذر لم يتوان أفراد هذه الجماعة الخسيسة عن أن يوفروا الغطاء للمجرمين لسفك دماء أبناء جلدتهم، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، ومارس هؤلاء دور "القواد" عبر شرعنة الخيانة وزجوا بالمغفلين من أتباعهم في محارق الموت، وكل هذا عبر فتاوى وغطاء ديني زائف.
اليوم ينادي مجرمو حزب الفساد كل من اعتبروهم بالأمس (كفارا) للقتال معهم ضد (كفار) اليوم! وطبعا هم يسعون أولا لحماية مأرب التي حولوها منطلقا لمؤامراتهم الدنيئة التي لم يسلم من شرها أحد، وثانيا فهم يطمحون لإنهاك القوى الجنوبية عبر الزج بهم في معارك لا تعنيهم ولا تمثل مصلحة خاصة لهم، ليتسنى للإخوان في ما بعد السيطرة على محافظات جنوبية بأكملها دون عناء، وهو الدور ذاته الذي يقوم به مشغلوهم من أنظمة العمالة السعودي والإماراتي!
مأرب باتت تتوق للتحرر من الاحتلال والخيانة، وشر هذه الجماعة وصل إلى الجميع دون استثناء، وحتى من كان يقاتل معهم سابقا عن اقتناع بهذا الفكر الركيك بات على يقين بأن هذا الحزب شيطاني يقول ما لا يفعل، وسرعان ما يبدل مواقفه تبعا لمصالح قادته، وكل من يقاتل معهم اليوم يقاتل من أجل المال فقط.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ماذا كسب المرتزقة من تدمير بلادهم؟! بماذا سيفيدهم المال الحرام الملوث بدماء أبناء شعبهم؟! وهل يظن هؤلاء أنهم يمكن أن يسلموا من عقوبة الله إذا ما وضعوا أنفسهم تحت تصرف الشياطين والمجرمين؟! أي غد أسود ينتظر هؤلاء بعد كل هذا السقوط والفشل والهزائم النكراء التي منيوا بها؟! ومتى يصحو الحمقى الذين أضاعوا أنفسهم وهم يطاردون أوهاماً بات الجميع يعرفون جيدا أنها أكاذيب وتضليل؟!

أترك تعليقاً

التعليقات