ما بعد العروض العسكرية!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
هناك اختلاف بين ردود أفعال الجميع حول العروض العسكرية التي نظمها ونفذها الجيش اليمني، فهناك من رأى أنها استهلكت الكثير من المال دون فائدة تذكر، وهناك من رأى أنها كانت جيدة، ولكنها لم تكن ملحة في هذا التوقيت بالذات ونحن على أعتاب تجديد الهدنة، إذا هدى الله الأعداء طبعا، فهذه العروض تعتبر استفزازاً، والبعض رأى فيها ضربة معنوية وضرورية للعدوان... وبالطبع هناك رأي رابع، وهو رأي المرتزقة الذين رأوها فرصة ليستمروا في التحريض والنواح، وهو رأي لا يهمنا بالطبع؛ كون القرار ليس بأيديهم، وأكثر ما يستطيعون فعله هو أن «يحشوها» كما يُقال!
رأيي الشخصي هو: أولاً: دعونا نتحدث مع بعض بشكل عادي كيمنيين، وهذا سيجعلنا نصل للرأي الأصوب، فنحن بحاجة أن نصل لرأي يغطي جميع جوانب الموضوع، حتى لو شعر بعضكم بأنه لا أهمية كبرى للأمر، فهو مخطئ.
دعونا نتفق أولاً على أن العرض كان استثنائياً وغير مسبوق، وسواء كنت مؤيدا أم لا فهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها هذا الكم من الأسلحة المحلية تجتمع في مكان واحد، وبعيدا عن رأي الحمقى الذين يشككون في جنسية هذه الأسلحة، فمن المسلم به أننا حتى لو فكرنا في استيرادها من الخارج -كما يدعون- فالعالم كله يعرف سخافة هذه الفكرة؛ فاليمن بأكمله يرزح تحت أكبر وأقوى حصار في العالم وعبر التاريخ، والأمر ليس وكأنك ستقوم بتهريب ولاعة، مع أن تهريب الولاعة صعب في ظل هذا الحصار!
أما عن تأثير العرض خارجيا فيمكن لأي واحد منا أن يفعل «لفة» على أشهر القنوات الخارجية ليعرف ما هي النتائج، ولن يكلفك الأمر سوى دقائق، فالموضوع أصبح «الترند» منذ يوم العرض. وأما عن تأثيره محليا فيمكنك أن ترى ذلك في وجوه الناس، فقد اقشعرت أبداننا ونحن نشاهد قوة العرض، وما نزال حتى اللحظة نشعر بالفخر والخيلاء، وكأننا كنا ضمن مَن قاموا بهذا العرض المهيب.
دعونا نتفق أننا جميعا لاحظنا أن هناك تقدما كبيرا، وأن هذا العرض استحق كل لحظة إثارة وتشويق ونحن في انتظاره. صحيح أن هناك الكثير من التكهنات التي سبقت العرض؛ ولكن كانت معاينته في الواقع أكثر دهشة من كل ما شطحت إليه تخيلاتنا، وهذا -برأيي- سيكون تأثيره مزلزلا على الأعداء أكثر، فإذا كان قد أثر فينا لهذه الدرجة ونحن مَن قمنا به، فكيف بتأثيره على من يفترض أنهم سيتلقونه، أو من سيتم تجريبه عليهم؟!
أما عن مسألة الاستفزاز، فكلنا نعرف أنه لا ضير في ذلك؛ فخلال تجربتنا مع العدوان طوال هذه السنوات رأينا أن الأعداء كانوا أكثر إجراما ووحشية علينا كلما كانت هناك مبادرات سلام! وقد تعلمنا من تجاربنا السابقة أن هؤلاء لا يفهمون سوى لغة القوة، وحتى مندوب الأمم المتحدة والوسطاء لم نكن نحظى بزياراتهم إلا كلما أوجعنا العدو! وعليه فلا يوجد سبب لدى أي واحد منا أن يشعر بالقلق. ثم إن الذي يفكر بهذا الشكل يتجاهل كم بذلنا من جهود لنصل إلى حل مناسب، ولكن دون جدوى، فمن الأجدى أن نتكلم مع أعدائنا باللغة التي يفهمونها، أليس كذلك؟!
أخيراً: أعتقد أننا سنظل دهرا نتذكر بسعادة هذا العرض الفريد والمدهش، وسيظل المرتزقة ينوحون دهرا أيضاً دون أن يلتفت لنواحهم أحد؛ فهم حمقى، وخونة، فماذا كانوا يتوقعون أن يحصل معهم؟! لو كانوا يقرؤون التاريخ جيدا لعرفوا أن هذه الدول التي ساعدوها على غزو ونهب بلدهم دائماً ما تقدم مصالحها وأمنها على أي شيء آخر، وأنها سبق وتركت عملاءها ليلاقوا مصيرهم المشؤوم، عندما تجد أن خصمها قادر على ردعها والإضرار بمستقبلها، وهذا أمر طبيعي، فلا تندهشوا، فالقادم أعظم!


أترك تعليقاً

التعليقات