هوايات تخلص منها!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
هواية الإفتاء في ما نعرف وما لا نعرف: قبل عقود، كانت الكتابة عملاً مرعباً لأي كاتب؛ فقد كان الجمهور اليمني -عكس كل الأكاذيب- على مستوى عال من الثقافة والألمحية وتذوق الأدب، وكان المجتمعون يتبادلون أبيات الشعر والأحداث التاريخية والمعلومات الثقافية في مجالسهم، وكان من الطبيعي أن تجد حافظا للقرآن في كل مجلس، وبالطبع كان أهم شخص في المجلس هو الأكثر ثقافة وعلما.
أما اليوم -أعزكم الله جميعاً- نجد أن مجالسنا أصبحت أقرب للحمامات العمومية، فكل مشغول بهاتفه ولا يستطيع الرد دوماً لأنه مشغول! وإن حالفك الحظ ورد على سؤالك فهو يبحث عن أكثر العبارات شعبية لأنه اعتاد على جمع (اللايكات)، وأهم شخص في مجالس اليوم هو أكثرهم ارتيادا للمجموعات المخصصة للنكات البذيئة والمعلومات التي لا تذهب ولا تجيء! فيا ترى ماذا فعلوا بنا حتى وصلنا إلى هذا الدرك من الضحالة والجهل؟! ومن الذي أقنعنا أننا هكذا أفضل؟!
هواية اللامبالاة: اللامبالاة صارت عنوانا لكل ما نمارسه اليوم، اللامبالاة في كل شيء، في البيت والشارع، في الليل والنهار، مع الكبير والصغير، مع القريب والغريب.. إذا أردت أن تعرف لماذا نعاني فابحث عن الأشياء التي لا نبالي بها لتعرف الجواب! فنحن لم نعد نبالي بالدين فنفهم كيف نتعامل مع بعضنا ومع الآخرين، ونحن لم نعد نبالي بالأخلاق والقيم فبتنا نعيش كالغرباء في وطننا، ونحن لم نعد نبالي بأشياء كثيرة ولذلك لم نعد نشعر بشيء!
هواية النكد: هناك تصرف غريب ومنتشر وملفت للنظر، البعض صار يغتاظ إذا فرح الناس، ويشعر بالسعادة إذا حزن الناس! الأمر بحد ذاته يعبر عن “ماسوشية” متقدمة، ولو أني أظن أن الحالة تعدت هذا المصطلح! فهناك فراغ زمني وعاطفي في ذات الوقت الذي يتحرك فيه الناس، وضغط عقلي لاختلاق المبررات التي تدفع البعض للتهرب من مسؤولياته، وتتال للأخبار التي تثبت أنه وقف الموقف الخطأ.. هذا كله يدفع البعض في الأخير إلى أن يكره كل ما يجعله يشعر بسوء موقفه، ويكون أقرب ما يكون لذلك المرتزق الذي يقاتلنا في الجبهات، مع فارق بسيط هو أنه يفعل هذا مجانا!
هناك هواية أخرى تفطر القلب فعلاً؛ فهي بجانب مساوئها فهي قد تؤدي لبعض الأمراض القلبية والعقلية، وهذه الهواية هي: متابعة إعلام العدوان، ثم نشر الخبر مع تساؤل هل هذا صحيح؟! يا صديقي صدقني أنك تنشر أكاذيب العدوان أفضل من وسائله نفسها.. وباختصار يريح بالك، فقد قال أحد الأدباء عن هذا الإعلام بأنهم ينشرون الكذب لدرجة أنك ستعرف الحق بأنه كل ما لا ينشرون عنه، فيكفي أن تجد خبرا في وسائل إعلامهم لتعرف أنه كذب محض، فلماذا لا تريح قلبك المسكين وتغلق بابا لا يأتيك منه إلا العفار والضيق؟!

أترك تعليقاً

التعليقات