لا تراهنوا على المطبعين
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
لقد ضغط القطريون والمصريون على وفد حماس المفاوض حتى قبل بالظلم، وفي الأخير لم يُقدر «الإسرائيلي» جهودهما، ورفض! ومن الطبيعي أن ينكس القطريون والمصريون رؤوسهم بعدما اعتقدوا أن «الإسرائيلي» سيرسل لهما برقيات الشكر، أو أن يبعث لهم إشارات -فقط إشارات- الرضا عنهما، خاصة وقد بذلا جهودا مضنية وصلت إلى درجة تهديد قطر بطرد قيادات حماس من الدوحة، وتهديد مصر بحشد قوات على الحدود لاجتياح القطاع!
ما لم أفهمه هو: لماذا رفض وفد حماس الجلوس مباشرة مع الصهاينة الأنجاس، ووافق على الجلوس مع المطبعين الخونة؟! الموقف الأول مفهوم، ولكن الموقف الثاني غير مبرر؛ فالنتيجة هي هي، هل لأنهم عرب؟! وما الفرق الذي يحدثه ذلك؟! هم لا يتصرفون كعرب، ولا يوجد أي حرص من جانبهم على روابط الدم والأخوة أو اللغة أو العقيدة، أو أي اعتبارات أخرى، فما الشيء الذي راهن عليه الوفد الفلسطيني عندما قبل أن يلعب هؤلاء دور الوسطاء، في حين أنهم أثبتوا أنهم حريصون على مصالح الصهاينة فقط؟!
أنتم لستم مضطرين للمفاوضة، والوضع الصعب الذي تعيشونه اليوم لن ينجلي بالتفاوض؛ فالمخطط مُعدّ من قبل، ولو لم تضربوا «إسرائيل» في السابع من أكتوبر لكانوا وجدوا أي مبرر آخر لتنفيذ عدوانهم، والتقارير أكدت أن عملية التجهيز للاجتياح كانت تجري على قدم وساق. كل ما فعلتموه للأسف هو أن جعلتم هذه الأنظمة الخبيثة تظهر وكأنها تبذل جهودا لإنقاذكم، وبهذا خففتم من ضغوط الشعوب عليها التي تزداد نفوراً وغضباً على أنظمتها المنبطحة، وأخرتم بهذا ثورة الشعوب القادمة لا محالة.
الجرائم مستمرة وستستمر، والتعنت «الإسرائيلي» زاد وسيزداد بفعل التحركات الدبلوماسية المشبوهة، والتي لن تؤدي لنتيجة. ومن خلال معرفتنا بالعدو الصهيوني فنحن نعرف أنه لن يقبل بأي وساطات ولا مفاوضات إلا حين يضطر لذلك، وعندها كان هو من سيبحث عن وساطات عربية أو دولية من العدم طالما هو مضطر، وفي سوق النخاسة السياسية العديد من الأنظمة والجهات التي تقبل أن تؤدي دور القواد لصالح الصهاينة. ثم إنه طالما القطريون والمصريون غير قادرين على دفع الصهاينة للقبول بوساطتهم، فما فائدة التفاوض معهم؟!
على الإخوة الفلسطينيين أن يغيروا دبلوماسيتهم، وأن يضعوا النقاط على الحروف، وألا يراهنوا على الأطراف الخاسرة، سواء كانت الشعوب الساكتة، أو الأنظمة المتواطئة. من الضروري أن تجتمع القوى المقاومة لتحديد كيفية التحرك في ظل الأوضاع المستجدة بعد استبعاد أي تشويش أو رهان غير مؤثر؛ فقوى المقاومة وحدها أطراف فاعلة ومؤثرة، وهي وحدها تستطيع أن تجبر العدو «الإسرائيلي» على الرضوخ والتوقف عن عدوانه.
أما الأنظمة العميلة فدعوها لمصيرها المحتوم، والقريب جداً. وها نحن نرى أن شعوباً وقوى أخرى تتحرك وتؤثر بدلاً من الشعوب العربية الساكتة، والتي ستعاني لا محالة بسبب مواقف الصمت المخزية. لكل ظالم نهاية، ولا يفل الحديد إلا الحديد. من هنا نجد أن الرهان الواقعي الوحيد أمامنا هو في تصعيد العمليات التي ينفذها محور المقاومة، وفقط! ومهما كانت التضحيات جسيمة في هذه المعركة، فنحن نعلم يقيناً أن الثمن الذي تستحقه لا يكون بالتوقف، ولكن بأن تنتزع الحقوق انتزاعاً وبالقوة.

أترك تعليقاً

التعليقات