نظام الشر الأمريكي
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

"النظام العالمي الجديد" كما سماه جورج بوش الأب، و"الشرق الأوسط الجديد" كما سمته كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، و"العصر الأمريكي الجديد" كما سماه دونالد ترامب! فلا رأينا "الجديد" سوى المزيد من الظلم والاضطرابات والخراب!
عالمياً: هذا النظام منذ نشأته لم يأت بالخير أبدا، والعالم كان ومازال وسيظل يعاني طالما استمر هذا النظام الملعون! نظام قام على تشريع نهب ثروات الشعوب وبالقوة باعتباره "حق" كما صرح أكثر من رئيس أمريكي؛ فنظرتهم تقوم على أساس أن الله "ظلم" شمال الكرة الأرضية (هم) عندما كدس الثروات في جنوبها (الشعوب الأخرى)، وهو ما لمح إليه بيل كلينتون وقاله جورج بوش الابن صراحة في عدة مناسبات!
عربياً: انقسم الموقف إلى توجهين: الأول اختار لنفسه لغة العقل والمنطق واتخذ القرار بأن يقاوم ويبني قوته لمواجهة هذه الأطماع غير الإنسانية. أما التوجه الثاني فقد اختار أن يخالف العقل -وإن اعتقد أن موقفه هذا فيه دهاء وسياسة- لينطلق في المداهنة والقبول بالتبعية والتي تحولت فيما بعد إلى خنوع وخضوع، مطلقين لكل القرارات الأمريكية حتى لو كانت ضد مصالح شعوب المنطقة.
كلا التوجهين حاولا أن يستقطبا أكبر عدد من الناس لكي يحققا أهدافهما، فازداد الطرف المقاوم قوة واستقلالا، بينما تحول الطرف المستسلم للإرادة الأمريكية إلى تابع وعميل. وكلا الطرفين خسر ثروات طائلة، سواء كانت تلك التي نتجت عن الحصار الاقتصادي والسياسي، أم تلك التي كانت تجبى من الأنظمة الخانعة خوفا على مصيرها من النظام الأمريكي الذي بات يستطيع التوغل بعمق داخل مؤسسات هذه الدول. وفي عصر العصا والجزرة الأمريكي لم يسلم أحد من الابتزاز، خاصة بعد أن مهد النظام الأمريكي لفكرة الصراع البيني الذي اتخذ عدة أشكال لعل أخطرها هو الصراع الطائفي.
يمنياً: هناك حرب مصغرة لما يدور في المنطقة، وقد كاد الأمر يحسم لمصلحة خراب وتقسيم اليمن تمهيدا لنهب ثرواته واحتلال أرضه واستعباد شعبه. ولولا ظهور تيار مناوئ ذي فكر راجح وقوي لكانت الأمور تدهورت نحو الأسوأ. وعلى ما يبدو فإن تنفيذ المخطط الأمريكي بحذافيره بات شبه مستحيل، ولم يعد بإمكان النظام الأمريكي سوى أن يقبل بأن يستخدم اليمن كوسيلة لحلب الأنظمة العميلة التي قبلت العمل القذر الذي أوكل إليها، وما القرار الأمريكي الأخير -رغم حماقته- بإلصاق تهمة الإرهاب بالطرف المقاوم للاحتلال إلا وسيلة لزيادة وتيرة ضخ الأموال الخليجية باتجاه الأعداء.
شخصياً: أرى أننا بصدد خطوة ربما تكون الأخيرة وإن أخذت بعض الوقت، بعدها سيقوم النظام الأمريكي بمحاولة مخادعة لمحور المقاومة بالجزرة، بينما سينقلب بشكل أكبر ضد الأنظمة العميلة التي ما عادت تملك الكثير لتعطيه، ونحن بصدد مرحلة جديدة ستشهد الكثير من الاضطرابات داخل الدول الخانعة، وستستمر لعبة العصا والجزرة وإن تغيرت الأطراف. يجب أن يتخذ محور المقاومة خطوات جريئة وكبيرة ليخرج من دولاب اللعبة الأمريكية ليكون الفعل لا ردة الفعل، وعلى الشعوب أن تعي خطورة ما يدور حولها من مؤامرات، وأن تتحد مع ما يلبي تطلعاتها ويضمن استقلالها وحريتها وتحقيق أهدافها، وإن كان الطريق يبدو وعرا، فالأمور بخواتيمها.

أترك تعليقاً

التعليقات