واقع القطاع الصحي مؤلم
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
 لا جديد مهما تراكمت التبعات، ولا استجابة رغم تكرار المناشدات، ولم يلتفت القائمون على القطاع الصحي إلى مسؤولياتهم تجاه إيجاد معالجات عاجلة بشكل جاد وبالمستوى الواجب عليهم لا فضلاً منهم.
المشكلة اليوم أن من يفترض بهم تحمل الأمانة كما يجب في خدمة الناس وتخفيف معاناتهم يهيمون في فقاعة الغرور وسكرة الوصول للمنصب، وبمجرد أن يصل، ما إن يجد نقداً لمشكلات في القطاع الصحي وليس لشخص المسؤول، أي طرح مشكلة ما في خدمة يجب الاهتمام بها وهي من حقوق المواطن وواجبات الدولة للقيام بمسؤولياتها والعمل على توفيرها، نلاحظ أن المسؤول يتخندق لشن هجمة مضادة ضد أي طرح بنّاء أو حتى غاضب أو ناقد لهذه المشكلة التي تلامس حياة المواطن في كل ثانية تمر، وكأن المسؤول يمُنّ على الدولة والشعب كونهُ يتولى المنصب، وكأن هذا استحقاق أو حصة وضع يدهُ عليها كحق لجلالة قدره أو بصك تمنحه هذه الوظيفة لسموه وليس من حق أحد الحديث عنه أو معه... عجيب!!
 تستمر أسطوانة الأعذار المملة التي يسعى من خلالها أصحاب المقام لتبرير فشلهم وعجزهم غير المنطقي، تقول له هناك كارثة، هناك خراب، هناك إهمال، هناك تعمد لزيادة معاناة الناس، هناك تقصير، هناك فساد، يقول لك بكل غرور من برجه العاجي: أنت نظرتك سوداوية.
 نفهم أن العدوان هو الكارثة التي دمرت البلد من كل النواحي؛ طيب ما الجديد؟! لنا ثمان سنوات والشعب يشتي حلول، لا مبررات، وكسيح يولول ويتباكى على الأطلال!
 معقول إلى اليوم نبقى عاجزين عن تسخير وتوظيف وتفعيل ما هو ممكن وموجود من بنية صحية لتخفيف معاناة المواطن، المغلوب على أمره، عامل نظافة ومدرساً وشرطياً وموظف دولة... بدون راتب؟! أين يذهب صاحب البسطة وسائق التاكسي وغيرهما؟! يموت ولا يستقبله مستشفى حكومي! والكارثة أن عقول المسؤولين في القطاع الصحي تحولت إلى تجارية استثمارية، يطيروا للعيون كما يُقال، حولوا مستشفيات الدولة، التي هي ملك للشعب، إلى أكشاك لتحصيل إيرادات، وأصبحت المستشفيات الحكومية كل شيء فيها بزلط، ولم يعد هناك فرق بينها وبين المستشفيات الخاصة، والخدمة أصبحت مدفوعة الأجر، ولو ما بش معك، موووت! هذا نصيبك تتقبله غصباً عنك، متجاهلين أن التطبيب من الواجبات الأساسية واللازمة للدولة وجوباً لا فضلاً من أي مسؤول، طيب أين مصير هذه الإيرادات؟!
 صحة، عدل، أمن، تعليم، غذاء، وخدمات أساسية: كهرباء، مياه، طرقات و... و... و... أشياء تعتبر أركان مسؤولية أي حكومة ودولة على وجه الأرض تجاه شعبها. معقول اللامبالين مش عارفين معاناة الناس في الجانب الصحي، ولم يكلف أحدهم نفسه المترفة والمنزوية داخل الواقع الافتراضي التنازل والاقتراب بالشكل المطلوب للاطلاع ورؤية حجم الكارثة ومدى بؤس المواطن في طواريد وأحواش وعلى أبواب المستشفيات الحكومية التي تحولت بسبب العقليات الإقطاعية إلى عالة على الناس ومصدر للربحية وكابوس في وجه المضطر الذي ليس بيده حيلة؟! معقول مش قادرين من خلال ما هو ممكن وموجود توفير أبسط الخدمات الأولية؟! طيب من باب الحياء مثلاً تكون أجور العمليات والرقود رمزية بما يتناسب مع ما سيقوم المواطن ببيعه أو تدبيره مجبراً إرضاءً لجشع من لا وفقه الله وجعل من كل شيء في مستشفيات الدولة بمقابل بسبب عقلية الإيرادات! أي عقول لدى هؤلاء مش مدركين للوضع الحاصل؟!
 كيف يقنعهم المنطق بأن الصحة والتعليم مثلاً قطاعات خدمية للشعب الذي هو صاحب هذا البلد؟! من يُفهم الكارثيين أن الجريمة أن تكون هذه المؤسسات خاضعة لنظرية الخصخصة والاستثمار والربحية، وبكل بساطة يتحول المسؤول إلى وكيل ومحلل للإقطاع المالي ورأس المال ويغرق في غياهب الصفقات والاستثمار والنشاط الربحي للتجارة والثراء؟!
 لماذا المؤسسة العسكرية تجاوزت كل المعوقات وتغلبت على كل المسببات واستطاعت خوض المعركة والانتصار فيها، تصنع وتحارب في أكثر من خمسين جبهة وتحقق الانتصارات ولا تبجحت وقالت للشعب: العدوان والميزانية و... و... و... عملوا وخططوا وأوجدوا شيئاً كبير من لا شيء، وأطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة من بين أكوام الدمار وأنقاض الخراب، بينما لدينا أربعة مستشفيات (الثورة والجمهوري والكويت والسبعين) مش قادرين يوجهوها ويديروها بالشكل الذي يخفف أوجاع الناس ونوائب الزمان والعدوان عليهم.
 مواطن كاره لنفسه جاء له مولود يشتي يدخله حضانة، بزلط، من اين يدي خمسين ألف في الليلة؟! مواطن حصلت له أزمة قلبية، من اين يدبر في نص يوم آلاف الدولارات حق دعامات وعملية ورقود وعلاجات؟! ما فيش معه غير يموت، وهذا فعلاً ما يحصل! مواطن التهبت عليه الزائدة دون إرادته وانفجرت، من اين يدي مئات الآلاف حق عملية إسعافية؟! مواطن تعرض لحادث بدون رضاه... وكم... وكم قصص وحكايات؟!
 ماذا لو فكر المسؤولون على القطاع الصحي بضمير ونية صادقة وبطلوا يشغلوا أنفسهم بملاحقة حوافز برامج المانحين والدولارات وكيف يخرجوا القرش من ظهر المواطن، ووضعوا خطة، مش خطة علي بابا والـ... وملاحقة موردي الأدوية وتكاليف توريد المستلزمات المباشرة بدون أي مناقصات؟! ماذا لو قدموا خطة إنقاذ فعلية بصورة عاجلة تحقق المصلحة المطلوبة، مثلاً توسعة مراكز طوارئ القلب، أما الاحتياج فمتنوع لكل الحالات المرضية الطارئة في الأربعة المستشفيات ابتداءً من أمانة العاصمة وقياساً ببقية المحافظات، وجلسوا مع هيئتي الزكاة والأوقاف؟! أعتقد أن الهيئتين لن تمانعا إطلاقاً بل ستبادران بجد لتمويل هكذا متطلبات ضرورية تخفف معاناة الناس!
 مش قادرين على ضبط أسعار وجودة الدواء المتواجد في السوق المحلية، ولا تحمُّل أي مسؤولية وتقديم أي خدمة، فما هو المبرر لاستمرارهم؟! المشكلة في عقلياتهم، وهذا هو الحاصل، وكما سبق وذكرت وثبت للعالم أن لا شيء مستحيل، وما حصل في الجبهات على يد القائمين على الملف العسكري وما يتحقق إلى الآن أكبر دليل، فمتى سيتم ضبط وعمل جراحة عاجلة لهكذا ملفات؟!
 لكن ما الذي يحصل؟! تتحول مؤسسات الدولة والقائمون عليها إلى خصوم للمواطن يواجهونه في قاعات المحاكم كقضية الجرعات الملوثة للمصابين بالسرطان وراح ضحيتها أطفال، وتحشد الدولة المحامين في وجه أهالي الضحايا! قضية يفترض تطير فيها رقاب، لا تغيير وإقالة عدد من المستببين والمسؤولين! وتخيلوا حتى ما يسمى بتعويض مالي مش راضين يصرفوه لذوي الضحايا، هكذا ومن قرح يقرح! الله والعجايب!!
 نسأل الله أن يعجل بالنصر المبين، قدو وقت وجود برلمان للشعب وحكومة للشعب ودولة للشعب، كما قال الرئيس الشهيد صالح الصماد (رحمه الله).
 والأمل وثقة الشعب بعد الله في صدقية السيد القائد في تحقيق التغيير الحقيقي والشامل.

أترك تعليقاً

التعليقات