شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
كتمت ضيمي وداريت بصمت وجعي طيلة 1540 يوماً، وكل يوم يمر على معاناتي يكون أقسى من اليوم الذي ينقضي عليّ، وأنا في دوامة عصرتني ودمرت حياتي، وأنا أقول: ستصل الحقيقة الخالصة إلى سيد الثورة وستستنفر الدنيا لإنصافي ورفع ظلم من ظلمني عني. عشرات الخطابات ومئات الأيام من الانتظار تصلني ردود ضبابية لم أرَ فيها صدور جواب عدالة، ولتلمس الأعذار لمواساة نفسي وأزداد صبراً، وأن خبري لم يصل بتفاصيل واضحة إلى سيد الثورة، وأن الحقيقة تُحجب عنه. ابيضّ شعري وابيضت لحيتي. مرارة جرعتني من غلائب الدهر وقهر الرجال ما لم أعد أستطيع إخفاءه، فقدت أحب أحبائي وأنا في موقف الانتظار؛ أنتظر أن تكون هناك استجابة لمناشداتي، وأن يُسمح لصوتي أن يصل بحقيقة شكواي بعد الله إلى سيد الثورة (حفظه الله)، ولكن دون فائدة.
لذا ومن اليوم سأقص مظلوميتي راجياً من الله أن تصل إلى سيد الثورة بحقيقتها الخالصة ليسمع مني، لا كما يُنقل ويُحرف وإلا ما تأخر السيد عن إجابتي وهذا عهدنا به إن شاء الله.
كُنتُ في عملي أواخر العام 2016، ولم أكُن على علم بما يدور في كواليس إدارة شركة "واي" بخصوص تفاصيل النزاعات مع الجهات الحكومية بخصوص مديونيات كبيرة كان يتم التهرب من سدادها إلى خزينة الدولة كضرائب المبيعات وغير ذلك من الرسوم السيادية للدولة.
ضرائب المبيعات ليست ضرائب أرباح وغير ذلك، فمثلاً ضريبة المبيعات يدفعها المواطن فوق قيمة ما يشتريه من كروت شحن تتبع الشركة، والشركة عبارة عن وسيط في تحصيلها، فمنذ ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر كانت إدارة الشركة الملتحقة بصفوف العدوان تتحصل هذه الأموال لسنوات ولكن لا تقوم بتوريدها للدولة.
ـ كيف كانت تتغاضى مؤسسات الدولة (مصلحة الضرائب) عن عدم تحصيل هذه الأموال؟! وكيف كان يتم التفاوض والاتفاق على محاضر تأجيل السداد؟! وما هي مصلحة المسؤولين من تضييع إيرادات الدولة؟! ومن هو المستفيد من ذلك؟!
ـ كنت كمدير للشؤون القانونية وقائم بأعمال مدير العلاقات في الشركة لا تمر هكذا أمور عبري، وبعد تضخم المديونية واختلاف لوبي الفساد المكون من إدارة الشركة وممثلي الجانب الحكومي فاحت رائحة سيئة، تزامن ذلك مع توجهات مريبة للإدارة بدأتها بنقل طاقم الإدارة العليا إلى الأردن وافتتاح مكتب للإدارة في عمّان للأسباب الآتية:
1 ـ الحرب كذريعة، تم بموجبها الهروب للأردن، بحجة أن "المليشيات"، حسب قولهم، تضايق الإدارة وتحارب الاستثمار. 
2 ـ نائب رئيس مجلس إدارة الشركة أحد أبرز القادة العسكريين مع تحالف العدوان وشريك المدير التنفيذي.
3 ـ 80‎‎% من المستثمرين في الشركة سعوديون وخليجيون من جنسيات مختلفة.
4 ـ بقي في صنعاء شخص واحد من الإدارة العليا لم يغادر خارج اليمن واستمر في العمل وعملنا إلى جانبه في الشركة.
5 ـ المدير المالي للشركة في حينه كان هو مخطط ومهندس التأجيلات وعدم سداد استحقاقات الدولة السيادية، كما سبق وذكرت، قبل انكشاف مخطط نهب وسرقة وتهريب أكثر من 70 مليون دولار من عام 2016 إلى نيسان/ أبريل عام 2017، وتم ضبط دفعتين من الأموال المهربة، مئات الآلاف من الدولارات من قبل الأجهزة الأمنية في مطار صنعاء، وضبط مهرب الأموال (أحد مدراء الإدارة العليا في الشركة) مع المضبوطات، وتكرر الأمر وألقي القبض على دفعة ثانية من العملة الصعبة مع مدير آخر من الإدارة العليا، ولا ندري كيف كان يتم تغطية الوقائع.
بعد ذلك كان المدير المالي للشركة، وهو اليد اليمنى للمدير التنفيذي، يعد العدة لمغادرة البلاد بصحبة ملايين الدولارت من أموال الشركة، وحصل الخبر بدون سابق إنذار. وفي بداية أحد أيام الدوام كنا نتواصل مع المدير المالي وتلفوناته مغلقة، حيث لدينا التزامات ومشاكل إيجارات المواقع ومطالبات أخرى، ليتضح بعد 48 ساعة من ذلك اليوم أن المدير المالي هرب إلى الأردن ثم إلى كندا وهولندا. في نفس يوم هروب المدير المالي وصل إلى الشركة حكم قضائي بالحجز على الشركة ونزلت أطقم ومأمورو الضبط يريدون إغلاق الشركة، ونحن في حالة صدمة لمعرفتنا بظروف الشركة، فلو انقطع الديزل عن سويتش الشركة لدقيقة واحدة فهذا يعني أن شركة "واي" للاتصالات انتهت، أي: كارثة اقتصادية.
لم أكن أعلم وأنا مدير قانوني للشركة أن هناك أخذاً ورداً أو حتى أن الأمر وصل إلى رفع دعوى ضد الشركة، حتى صدر الحكم القضائي، فقد تعمد لوبي الفساد بمختلف أطرافه إخفاء الأمر حتى ذلك اليوم الذي تم فيه نزول مأموري الضبط لإغلاق الشركة.
كنت وبعض المدراء مدركين خطورة الوضع وأن الشركة قد تنهار. بعد هروب المدير المالي تواصلت مع المدير العام، الهارب هو أيضاً في الأردن، لكنه كان غير مهتم، فقد رد علي بالقول: "خلي الحوثيين يشلوها ويفلسوا بها". وكان على علم وهو الذي نسق خروج المدير المالي واستقباله في عدن وصولاً إلى الأردن. تحركنا من منطلق تدارك الأمور كي لا تنهار الشركة، وحتى لا يتم تجيير إفلاس الشركة على مسببات وذرائع باطلة. واجتمعنا مع المسؤولين في الضرائب ومكلفين من قبل وزير المالية في حينه وقضاء الأموال العامة، وأوضحنا لهم وجهة نظرنا، وكانوا مصرين بالقول: "نريد أموال الدولة". نقاش طويل خرجنا منه بخلاصة أن إقفال الشركة سيخدم الذي نهب الأموال وهرب مع العدوان، وأن هذه شركة اتصالات واستثمار يجب الحفاظ عليه، وأن إغلاق الشركة بهذه الطريقة سيخدم مصلحة المتسببين بكل ما وصلت إليه الأمور. حينها سألني القائم بأعمال رئيس مصلحة الضرائب: وما هو الحل لتجنب المخاطر وتوريد أموال الدولة كما تقول بشكل قانوني؟ فطرحت الآتي:
1 - استمرار الشركة والحفاظ عليها وعدم تحمل مسؤولية انهيارها، فهذا ما تبحث عنه الإدارة الهاربة لتغطية كل ما قامت به وأوصل الشركة إلى هذا الوضع، فالشركة ستنهار بمجرد انقطاع الديزل عن سويتش الشركة، فلا تتحملوا هذه الكارثة، لأنكم بهذا خدمتم اللصوص والمتسببين بهذه الكارثة التي سيتم توظيفها ضد صنعاء، وأنكم تسببتم في انهيار شركة اتصالات وأتحتم فرصة الخلاص للخونة، أصحاب رأس المال سيحملونكم كامل المسؤولية وسترفع عليكم دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية ويتم مطالبتكم بالخسائر ورأس المال الذي يتجاوز الـ400 مليون دولار وقيمة الرخصة قرابة 150 مليون دولار والتعويضات والأرباح والخسائر... العقلاء تفهموا الخطورة الحاصلة.
2 - المليارات المتراكمة للدولة على الشركة اليوم، الضرائب جزء من الكارثة، فكيف غضضتم الطرف ولم تتحصلوا الرسوم السيادية ورحلتموها كل هذه المدة؟ رد عليّ قائلاً: "السبب المسؤولون السابقون". وبعد النقاش اتفقنا على ما يلي:
1 ـ تشكل لجنة لإدارة الشركة وتسيير أعمالها.
2 ـ تقدم رؤية لسداد كامل المديونية خلال فترة محددة مع الالتزام الشهري بسداد الاستحقاق الشهري للدولة أولاً بأول.
3 ـ تشرف الدولة على الأمر كخطوة أولى.
4 ـ يرفع تقرير لوزير المالية والقيادة، وتم طرح خطوة قانونية، تقوم على: أولاً: إشعار أصحاب رأس المال ملاك الشركة بحالة الشركة ووضعهم في صورة واضحة عن حقيقة الوضع والمديونية المستحقة للدولة والتعامل معهم قانونياً ليتحملوا مسؤولية التنصل وعدم التجاوب. وتم التوافق أن يتم تجاوز فساد الإدارة ونائب رئيس مجلس الإدارة، ومحاولة التواصل برئيس مجلس الإدارة، وهو يومها رئيس مجلس إدارة شركة "زين" في عدة دول، تم ذلك وطرح الرجل أمام صورة كاملة بما وصلت إليه الأمور، ودار نقاش طويل وحساس وصولاً إلى اتفاق ينفذ خلال ثلاثة أشهر ويتحرك ملاك الشركة ويتم سداد كل ديون الدولة ويرفع رأس مال الشركة بدفعة 70 مليون دولار توضع في البنك بصنعاء يتم بها سداد الديون وإنقاذ الشركة، وحرر الأمير السعودي خطاباً موقعاً إلى الرئيس الصماد ورد فيه ما ذكرت وظهرت خيانة مجموعة لا تذكر، كيف تم تضييع كل الجهود على مستوى الرئيس الصماد ورئيس مجلس الإدارة؟! ما تم كان من وراء ظهر الرئيس الشهيد.


«الحلقة الثانية»


أترك تعليقاً

التعليقات