المدارس الحكومية بدون تعليم
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
مع بداية أول أيام الأسبوع الماضي توافد الطلاب إلى المدارس الحكومية ليجدوا أنفسهم حبيسي الفصول بدون حصص دراسية، ومدرسين معلنين الإضراب بسبب عدم صرف المستحقات الشهرية التي تعهدت قيادة وزارة التربية بصرفها شهرياً كمساعدة عبر صندوق دعم التعليم.
التجاهل الحاصل إلى الآن، للأسف، سببه عدم وجود من يريد تحمل المسؤولية بجدية وصدق، وعدم البت في تنفيذ معالجات تُقيل عثرات تبعاتها وآثارها تتسبب في ضياع جيل بأكمله. نعم رواتب المدرسين مشكلة متفقون عليها، لكن ما هي مقترحات الحل؟ تم التوصل لإنشاء صندوق لدعم التعليم وتم... وتم... وبعدين؟! أين تلاشى كل ذلك؟!
المعلم مسؤولية سيادية، وراتبه راتب مجاهد في الجبهة التربوية.
اليوم، وتزامناً مع ذكرى إحياء أسبوع الشهيد، كم من أبناء الشهداء هذا الأسبوع بالذات، الذي فيه تتوجه القيادة وعلى رأسها السيد عبدالملك حفظه الله، للتأكيد على الاهتمام وتحمل المسؤولية، يجدون أنفسهم بدون تعليم؟! وللعلم فإن نسبة كبيرة قد تصل إلى 95% من أبناء الشهداء هم من منتسبي المدارس الحكومية ولا قدرة لهم على الانتساب للمدارس الخاصة، فهل هكذا تترجم توجيهات السيد القائد؟!
وهناك مثل شعبي دارج يقول: "في عرس اليتيمة اختزق الطبل".
ولعل تغاضي المعنيين وعدم التفاتهم لهكذا إشكالية، سببها أن أبناءهم في مدارس خاصة، ولا يهمهم تعطل الدراسة في المدارس الحكومية.
أقل شيء، امنحوا الطلاب إجازة مفتوحة، مش عدوان وبرد وحبس في المدارس بدون تعليم!
ولاتزال في خواطر وأذهان الجميع (آباء وأمهات) المناهج الصعبة على طلبة المرحلة الأساسية للصفوف الأول والثاني والثالث والرابع يتم الضغط على الطلبة بالكثير جداً من الكتابة، وفي وضع صعب لا يُقدر فيه المدرس وضع وبداية الطالب الصعبة والإجهاد النفسي نتيجة الكتابة بشكل مكثف، حيث يسبب الضغط على نفسية الطالب، وكثير من المدرسين يكتب بسرعة ويقوم بمسح سبورة الفصل ويكتب من جديد، فكيف لطالب ثاني أو ثالث ابتدائي مجاراة المدرس؟!
وتقدم كلمة التربية قبل عبارة التعليم في اسم الوزارة واضح، ويُلاحظ غياب دور المدارس عن هذا الواجب تنشئته في الأجيال من زرع للقيم وغرس المبادئ والإخاء في صفوف الطلاب. ونتذكر هنا حادثة عراك توفي على إثرها طالب وتشكل مجموعات عصابات طلابية في المراحل الإعدادية والثانوية، كيف لا ترصد إدارة المدارس والمربون والأخصائيون الاجتماعيون ظهور هكذا مشاكل دون دراسة وملاحظة مسؤولة؟! فغض الطرف أو التعامل وفق قاعدة "ما لناش دخل" مسؤولية أمام الله قبل مسؤولية المدرسة ومهمة تضمنها اسم كل المؤسسات التربوية في كل العالم "التربية والتعليم"، أقل شيء عند تقييم سلوك الطالب تخاطب المدرسة ولي أمر الطالب والأسرة تتحمل المسؤولية الأولى وهذا بلا شك، ولكن الطالب الجيد يكون عرضة لسلوك الطالب المسيء، وهذا ما يجعل المدرسة مسؤولة بشكل مباشر.
قبل أسبوع في إحدى المدارس الأهلية في أمانة العاصمة نفذت وزارة التربية والتعليم عبر مكتب الأمانة نزولاً ميدانياً للمدارس، وكان المفترض عدم إشعار المدارس المستهدفة قبل نزول اللجان، لأن ذلك تسبب في حالة استنفار لدى مدير ووكيلة هذه المدرسة اللذين مرا على الفصول الدراسية وقاموا بتغيير الكتب الممزقة بكتب جديدة حسب ما لزم بنظر إدارة المدرسة وإصلاح بعض الشبابيك المكسورة وفي فصل الشتاء... ولفت انتباهي مخاطبة إدارة المدرسة للطلبة بأنهُ ستحضر غداً لجنة فكونوا نظيفين مرتبين، وإذا سألوكم هل تتم معاقبتكم بالضرب والصراخ، قولوا لا، ليجيب أحد الطلبة: "إلا شاقول أن الأستاذ فلان بيراجمنا بأي شيء أمامه ويضرب بالعصا في أي مكان من جسم الطالب"، ليختم الطالب في الصف الخامس للمشرفة: "كيف تطلبوا منا أن نكذب؟!"، لتقول له المربية: "لو تتكلم عيتم فصلك".
عجيب، فالمسألة والإشكالية ليست في القانون الذي ينظم إيقاع التعامل بين الأطراف، بل هي الأخلاق والقيم والسلوك الإنساني والانطلاق من نهج الثقافة الربانية والموجهات القرآنية لتربية النفوس، وكيف يجب أن نكون في تعاملنا أمام الله، لا خوفاً من لجان أو من ضبط إداري أو عقوبة نظامية من جهة ومسؤولين.
ما أحوجنا لاستشعار واستحضار الانطلاق في التعامل من أن الأساس العمل وأن الرقيب على السلوك والتصرف هو الله، وأن نُنشط في أرواحنا وعقولنا مبدأ الرقابة الذاتية خوفاً من الله في كل المهن والوظائف وكل المستويات من حياتنا كمجتمع وأمة حتى مع أفراد الأسرة أبناء وزوجة وأخ وأخت... إلخ!

أترك تعليقاً

التعليقات