الوضع التعليمي.. من سيئ إلى أسوأ
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
ما يحصل اليوم هو مواطنة دفع مسبق بين الشعب والسلطة التي لا تعرف غير سياسة الجباية واستخراج ما في جيب المواطن، جرأة عجيبة لفرض الضرائب وتنفيذ مخيف وقدرة على تمرير الزيادات المتتالية وفرض رسوم مضاعفة فوق سابقاتها حتى أثقلت حمل المواطن وزادت مشقة مواجهة المعيشة وصعبت الحياة بدون أدنى رحمة أو حياء ومراعاة لظروفه.
يتم رفع الرسوم على المدارس الأهلية وتكلفة طباعة المنهج المدرسي وينعكس تحميل التكلفة على ولي أمر الطالب في حين تتنصل السلطة من أي تحمل للمسؤولية تجاه المواطن.
وجوب الإشارة لما حصل في اختبارات نهاية العام الدراسي 2023 للصفين التاسع أساسي والثالث ثانوي.
واجه الطلاب داخل اللجان كوارث في أسئلة الاختبارات، تمثلت في أسئلة من خارج المنهج، وأسئلة وردت في ورقة الاختبار من مقررات أعلنت وزارة التربية عنها كمحذوف، أسئلة في مادة الرياضيات للصف التاسع فيها أخطاء، وعند مرور مشرفي المراكز الاختبارية على اللجان يسأله الطلاب ويوضحون أن السؤال فيه خطأ فيجيب بكل عنجهية اكتبوا السؤال الصح وأجيبوا عليه، عجيب! مع نموذج وطريقة لوضع الاختبارات يثبت جهل المعنيين في وزارة التربية وفشلهم رغم كل ما تم الترويج لهُ عن الأتمتة وتطور عمل الوزارة، كيف يصحح الطالب السؤال في حين أن نموذج الاختبار يوتر نفسية الطالب بسبب طريقة التظليل والتحذيرات بعدم تجاوز المساحة المحددة ما لم ستلغى الإجابة، وتم تدشين حملة ترويجية لنماذج الاختبارات كلها ترهيب وتخويف أرهقت نفسية الطلاب وزرعت حالة من الرعب في نفوسهم غير ذلك ما تم تطبيقه في نموذج الاختبارات المطورة كما يُقال لا تقيم أي تحصيل علمي للطالب ولا لمستوى الفهم للمنهج التعليمي الذي تلقاه طيلة العام.
وزع أكثر من نموذج في اللجنة الواحدة، الأول تافه بمعنى الكلمة، والثاني متوسط، والثالث معقد جداً بما تعنيه الكلمة.. ونزلت النماذج باسم الطالب على النموذج من كنترول الوزارة، ماذا حصل في الكواليس هل هو فرز وانتقاء أم استهداف مقصود؟ لماذا لم يكن توزيع النماذج حظ يا نصيب كما يُقال وكل طالب وحظه ولذلك وجد طالب متغيب معظم العام ومستواه متدن بشهادة المدرسة والمدرسين والأسرة نفسها، تستغرب حصول ولدها على معدل 80‎%.
تم في الأيام الثلاثة الأولى في مراكز اختبارات البنات في أمانة العاصمة تنفيذ تفتيشات أمنية غير لائقة، وصل الأمر إلى إجبار وإخضاع الطالبات على خلع حتى الشرابات (الجوارب) و.. و.. و.. إلخ.

أين إيرادات صندوق المعلم؟!
منذ تأسيس صندوق المعلم وتقنين الموارد المالية لتغطية رواتب المعلمين وصرف استحقاقاتهم المالية لم نلمس إنجازا فعليا مستداما ومستقرا بالشكل الإيجابي على سير العملية التعليمية، فهل سنشهد شفافية وتفعيلا حقيقيا ميدانياً على العام الدراسي القادم في المدارس الحكومية بالشكل الذي يشجع أولياء الأمور في التعليم الحكومي الذي من الإجرام حرمان الشعب منه بسبب تردي الأداء والتعليم في المدارس الحكومية، لأن أحد أهم مسؤولية الدولة لا فضلاً ولا منة منها التعليم الصحيح مجاني الكلفة.. أياً كانت المبررات غير المقبولة للتنصل من تحمل المسؤولية.. وتمرير مخططات السفارة الأمريكية لتدمير التعليم الحكومي وخصخصته وتسليم تربية أجيال وملايين الأطفال للقطاع الرأسمالي المتعاقد مع أعداء اليمن، ونعود بعد ذلك للصراخ من الثقافة المغلوطة، مرعب وجود هذا الكم الهائل من المدارس الأهلية التي نشأت خلال سنوات العدوان، مخيف تماهي السلطة مع تحويل التعليم إلى مؤسسة رأسمالية وربحية مطلقة.
قبل أيام زرت مدرستين للطلبة المتفوقين في أمانة العاصمة، وهما جمال عبدالناصر للبنين والشهيد الصماد للبنات، في الحقيقة لفتني عدد المتقدمين لخوض منافسة الالتحاق بالمدرستين، دخلت إحداهما وتكلمت مع أحد كوادر التدريس، دار النقاش في تفاصيل كثيرة، إمكانيات الكوارد التعليمية ممتازة للمدرستين، هناك تكثيف صحيح لتحصيل الطالب العلمي الذي يؤسس فعلاً للدراسة الجامعية بتفوق، اهتمام كبير بجانب اللغة، بما ينعكس إيجاباً على الطالب في تخصصه الجامعي كطبيب ومهندس.. إلخ، فعلاً المدرستان إنجاز نموذجي يريح القلب ولكن السؤال المحير: ما هي المشكلة لدى قيادة وزارة التربية في تعمد إفشال التعليم الحكومي؟ لماذا لا يطبق نموذج مدرستي الشهيد الرئيس الصماد للبنات وجمال عبدالناصر للبنين في أكثر من مدرسة في أمانة العاصمة وفي كل محافظة، مثلاً ما هو المانع أن تكون الرسوم رمزية ومشجعة بسبب نجاح التجربة بدلاً من احتكار وسيطرة القطاع الخاص كتجارة، وهنا أجزم أن آلاف الطلبة سيتوجهون للالتحاق بهذه المدارس هرباً من جشع القطاع الخاص وثقة في التعليم الحكومي ولو مؤقتاً حتى تُفرج الأمور ويتحقق النصر القريب إن شاء الله.
لفت انتباهي في نفس اليوم حضور متقدمين من بني الحارث والروضة وأطراف مختلفة من محيط العاصمة صنعاء رغم بُعد المسافة ومسألة التنقل يومياً.

تصحيح ومراجعة المناهج الدراسية
كتبت قبل أكثر من عام ونصف عن الموضوع، وحجم الدش الكلامي في مادة ليس له حاجة ودروس أبعد ما تكون حتى عن تثقيف الطالب والتحصيل العلمي، وأقصد هنا تجنيب المسائل الخلافية وعقلية القوى السياسية التي فخخت المناهج لعقود، أتكلم عن تحصيل علمي بعيداً عن أي توجهات بعينها، وما هو غير مفيد للطالب يحذف بدون أي تردد، بحيث إن الطالب عندما ينتقل لدراسته الجامعية يستفيد من كم المعلومات التي تلقاها واستفاد منها في مراحل دراسته لـ12 سنة من عمره.
لا يوجد دولة في كتب مدارسها شيء عن الحضارة اليمنية، بينما عندنا في كتب التاريخ الحضارة الآشورية والبابلية والفرعونية والدولة العثمانية وقادتها وغيرها، الطالب لا يعنيه كل ذلك، وهذا مثال لا حصر، أمام كل هذا ما هي استفادة الطالب من كل هذا الهدار الذي ليس له مردود علمي يُستفاد منه مستقبلاً، نحمل عقول الطلاب أثقال التاريخ بدون فائدة بسبب تراتبية أصبحت عادة نحتاج إلى التخلص منها وإنجاز جراحة لتصحيح المناهج على أساس علمي يكون مردوده على التحصيل العلمي المفيد والنافع للطالب.
ما ورد في اعترافات خلايا التجسس الأمريكي من ملفات، بما فيها الاستهداف الممنهج للتعليم وشرائح الأبناء في أخطر مرحلة لتنشئتهم وتأسيسهم تربوياً وتعليمياً، وأريد الإشارة إلى قصور كبير جداً في الشق التربوي داخل المدارس التي يفترض أنها رديف مهم واستراتيجي للأسرة بحيث تكون المدرسة هي المكمل والقطب الثاني في تنمية وزرع القيم وثقافة الأخلاق والتربية الروحية والسلوكية للطالب عبر تفعيل دور الرقابة التربوية في المدرس من خلال الساعات اليومية التي يتواجد فيها الأبناء داخل مدارسهم، وإلا لماذا تسمى وزارة التربية والتعليم، إذا كان طالب المرحلة المتوسطة لا يعرف الصلاة إذا كان يصلي فكيف بمن لا يفعل ساعة أسبوعياً تخصص للتوعية والتربية قد تغير وتفعل الكثير من التصحيح والتقويم في الأخلاق والسلوكيات والمفاهيم المهملة.
نموذج ما يتحقق على أيدي القائمين على المراكز الصيفية من إيجابيات، هل يصعب الاقتداء به وتطبيقه خلال العام الدراسي على كل مستوى؟
اليمن سينتصر بإذن الله والحرب ستنتهي وسيحتاج البلد للبناء على يد أبنائه من الأطباء والمهندسين والمعلمين والقضاة و.. و.. و.. هل هناك من يعتقد أن تصنيع صاروخ فرط صوتي الذي أعلن عنه مؤخراً، خلطة شعبية تم تركيبها، لا، هناك علم فيزياء ورياضيات وكيمياء وجغرافيا وجيولوجيا صنعت هذا الصاروخ، لأن هناك مسؤولية من الجانب العسكري بإشراف مباشر من سيد الثورة (يحفظه الله) أهّلت وعلمت هذه الكوادر من أبناء اليمن حسب مخرجات التعليم المخطط لها لا أن يظل الوضع غاغة كحال فرزة الباصات زحمة ومتعلق ومشي حالك.
قبل قرابه عقدين من الزمن كان هناك مدارس خاصة أقل من الخمس وكانت لأبناء الإقطاعيين وينظر للمنتسبين فيها إما مزلطين ويشتوا تعليم بزلطهم أو فاشلين هاربين من التعليم في المدارس الحكومية ولن يتمكنوا من النجاح بجهودهم اليوم، ما يحصل بسبب مخطط تدميري للتعليم الحكومي وعمل من أولياء الأمور أخذاً بالأسباب من أجل مستقبل أبنائهم مهماً كانت المشقة والمعاناة مادياً قبل كل شيء.

أترك تعليقاً

التعليقات