خالد العراسي في ذمة من؟!
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
لماذا ولمصلحة وخدمة من ما حصل لخالد العراسي؟! اعتقل الرجل قبل طلوع الشمس بمداهمة مسكنه واقتيد من داخل غرفة نومه في عملية نوعية نجومها الباص المعكس والأطقم المجوقلة والفرسان الملثمون، وكل شيء بالقانون حسب ما تسرب عن وجود أمر قضائي.. لطفك يا سريع الغارات بمن لا حول له ولا قوة.
طيب تمت العملية بنجاح دون خسائر وأضرار من جانب زوار، وفي الجانب الآخر أسرة المغيب أضرارهم كارثية، أطفال لم تفجعهم في أبيهم طائرات دول العدوان، عائلة بكاملها، وأم خالد مفطورة القلب على ابنها المختطف، وأطفال في حالة صدمة نفسية وذعر ورعب مما نزل بأبيهم الذي لم يعرفوا ماذا حصل له، فوالدهم لم ينزل عليه موت الفجأة، بل تم انتزاعه من بينهم في لحظة غفلة من قبل قوة لا يعلمها إلا الله والمدبرون حتى الآن.. هل هم جهة أمنية أم عصابة تنتحل صفة الأمن وتمتلك الإمكانيات والغطاء للتحرك وتنفيذ عمليات بهذا الشكل؟!
إذا كان ما تم عملا رسميا، لماذا لم يتم الإقرار بوجوده ليطمئن ذووه أنهُ في عهده الدولة؟! وإذا كان الخيار الأسوأ وهو أن من اختطف العراسي عصابة إجرام، فأين الدولة والسلطات الأمنية؟ لماذا لم يتم التحرك وقيد الواقعة وفتح تحقيق طارئ وتحمل المسؤولية تجاه ما حصل؟
العدوان لم يتوقف للحظة من محاولة اختراق الاستقرار الأمني في كل جغرافيا السيادة وإقلاق سكينة الجبهة الداخلية وترويع الشعب، وهذا ما لم يتمكن العدو من تحقيقه طيلة الأعوام الماضية بفضل الله وجهود القائمين على الملف الأمني، رغم ما يحصل من اختراقات و"نثرات" بين الحين والآخر من باب الإنصاف.
لكن ومثالاً لا حصراً حادثة رداع، اعتقال ووفاة الخبير التربوي صبري الحكيمي، الكميم، القاضي قطران، خالد العراسي.. حادثة إطلاق النار على أمين عام نقابة الصحفيين ومقتل أبرياء، ويبدو أن القائمة ستستمر.. ماذا يحصل؟ أليس تسلسل الأحداث مع اختلاف تكييفها وتقاربها زمنياً وتتابع وقوعها يضع الكثير من علامات الاستفهام وتطرح ألف سؤال؟!
ما هو الهدف من وراء ما يحصل؟ ولمصلحة من؟ ولماذا الصمت المطبق وعدم المكاشفة وكشف الحقائق؟ ما هو المبرر لمراكمة النقاط السوداء على وجه الثورة وتنغيص نفوس الشعب بسبب افتعال وقائع مسيئة للقيادة الثورية ومعركة المواجهة التي يخوضها سيد الثورة (يحفظه الله) ومجاهدو القوات المسلحة ضد العالم المستكبر نصرة لغزة وأهل فلسطين؟! هل الغرض حرف بوصلة الشارع العام لمشاكل وحزازات مفتعلة داخليا؛ واحدة تلحقها الأخرى لضرب الاستقرار الداخلي وتهييج الحاضنة الشعبية للسيد القائد والمشروع الثوري؟
هناك عمل منظم لتشويه صورة الأجهزة الأمنية واستهداف مدروس لضرب المؤسسة الأمنية التي ساهمت خلال سنوات العدوان باستقرار الجبهة الداخلية وبشكل مشهود وبغض النظر عن أي إشكالات عادية تحدث بشكل عارض وبسيط هنا وهناك، ولكن ما يحصل الآن الغرض منه فقدان المجتمع الثقة في القطاع الأمني والنظر إليه كمصدر لعدم الأمان وأداة للقمع.

حي أم ميت؟
لماذ لا يتم الإقرار بوجود خالد العراسي لدى جهة معينة والناس ممتثلون للقانون والدولة التي لا يتمنى أحد فقدان الثقة فيها، خصوصاً ونحن نتكلم عن دولة المشروع الثوري بقيادة سيد الثورة (يحفظه الله)؟
ما هي المشكلة في أن يتم مواجهة الأمور كدولة ورجال دولة ثوريين يتحملون مسؤولياتهم أمام الله والسيد القائد والشعب وفق عدالة واضحة وقانون يحكم الجميع، قولوا فقط: العراسي لدينا.. ما هي المشكلة فهو ليس زعيماً لـ"داعش" قطاع محاربة الفساد ولا قائد جيش النصرة ضد المزرين.
ماذا سيحصل إذا اتصل بأسرته، وعادي حققوا معه لوما تطيب نفوسكم ويتم محاكمته وقولوا تهمته كذا وكذا والقضاء سيحكم عليه، ولن يقول لكم أحد شيئا، بل لن يتجرأ أحد حتى على العبوس في وجوهكم الكريمة.
من لديهم خالد العراسي، تحملوا مسؤوليتكم أمام الله وإنسانياً حتى بالقبْيلة قد الرجال لديكم، أسرته في بيت إيجار، أولاده بلا طعام ولا مصاريف ووالدته بلا دواء، وتذكروا عندما كنتم مستضعفين من قبل وزج بكم ظلماً في السجون كيف قُهرتم وقُهرت عائلاتكم وتوجع أبناؤكم وما عانوه بسبب غيابكم، كنا نراهن أن ما تجرعتموه سابقاً سيجعلكم تعملون على ألا يتكرر ما لقيتموه لغيركم، وإذا بكم لبستم ثوب السجان الذي ثار الشعب عليه ليصبح البعض سجاناً جديداً، بل وأسوأ.

فضول العراسي
خالد تبنى بقناعة أن يقوم بدوره كمواطن التحق بموكب ثورة الـ21 من أيلول، ومن منطلق انبهاره وحبه لشخص سيد الثورة وعظمة هذا القائد تحرك لفضح الفساد بحكم خبرته المالية وعقليته المحاسبية، واعتقد أن الورود ستكون في استقباله وأن أبواب أصحاب القرار ستفتح على مصراعيها لاستيعاب أطروحاته ويتم التعامل مع ما بحوزته من ملفات بمسؤولية، وأنه سيرى ثمار جهوده إصلاحاً وإلقاء القبض على ناهبي المال العام واللصوص الانتهازيين على حساب المشروع الثوري ومعاناة وصبر وصمود الشعب.
العراسي قدم دراسة ورؤية للقيادة معنونة بـ"إيرادات بدون جباية"، كنت أعتقد أن الرجل حينها بعد ما سمعت من آخرين بعض التفاصيل عن الرؤية التي قُدمت سيتم الاهتمام والاستفادة مما لديه من أفكار وطرح منطقي وإيجابي ويتم النظر في مبادرته ودراستها وتقييمها بجدية لما فيه الصالح العام، ولكن يبدو أن هناك من لا يقبل بوجود الآخر ويريد الدائرة مقفلة لحسابات خاصة.
لكي لا يعتقد البعض أن خالد سطحي أو ظاهرة صوتية، أقول لكم إن الرجل طرق قبل الإعلام كل الأبواب وقدم الأرقام والمواضيع والجهات والأشخاص، وكل مرة كان يصطدم بخيبة الأمل، ويقول في نفسه سأستمر، لأن ما يواجهني هم لوبيات سابقة حدثت نفسها وتطورت مع المستجدات، وهذا لا يعني أن المشروع الثوري ممثلاً بأنصار الله راضون عما يحصل، وبعد إغلاق الأبواب وتوالي الصفعات قرر النضال مضحياً حتى بمنصبه السابق المكتسب بجهوده قبل كل هذا، فبدأ بالطرح عبر وسائل التواصل وقنوات عدة، وبدلاً من أن تلتفت قيادة الدولة لصوته وتصدر توجيهاتها الصريحة للنائب العام ومحامي الأموال العامة ورئيس هيئة مكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة لاستدعاء خالد العراسي وتشكيل لجنة للجلوس معه واستيعاب ما لديه من ملفات ومناقشته والاطلاع على الإثباتات واستلامها بمحاضر رسمية وأمام الإعلام ويتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفتح تحقيقات وتوقيف كل من ثبتت عليه جرائم وسيثبت الكثير، يتم ترك كل شيء، ويا خالد من أين حصلت على الوثائق؟ وما هي مصادرك؟ ماذا كان سيحصل لو كانت الدولة تعاملت بشكل مسؤول؟ كان الشعب سيرفع التحية والإجلال، وسيتشجع ألف خالد لمحاربة الفساد وفضح المفسدين، ولكن على ما يبدو أن المطلوب إيصال رسالة مفادها من سيتجرأ ويعتقد أن ما يقوله سيد الثورة (يحفظه الله) سيتحقق، فعاقبته أن يجر من مسكنه بالباص المعكس، ولا يعلم إلى أين، لأن لو قلت "بيت خاله" ربما يتم الإنكار ويظل مغيباً وفي بطن من، الله أعلم وإلى أن يشاء الله.

أترك تعليقاً

التعليقات