كواليس قطاع العمل غير الحكومي
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
أكتب عن موضوع مرتبط ارتباطاً مجتمعياً بحياتنا، وقد لا نستحضره وندرك السقوط في ظلامه وظلمه إلا عند فوات الأوان.
حالة وكارثة وتهديد إذا نظر إليه البعض بمنظور أنا أعمل بوظيفة حكومية ولا دخل لي، طيب! قد يكون أخاً، أخت، عمَّاً، خالاً، زوج أخت، صديق، جاراً... مما يعني أننا أمام قضية عامة، أي مسؤولية الجميع بدون استثناء.
* غياب دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية: صدر قانون العمل وتضمن نصوصاً لامست بشكل غير كلي تنظيم العلاقة بين موظف القطاع الخاص وصاحب العمل، وكأن مسؤولية الدولة تنتهي بصدور صفحات بنصوص قانونية لا أساس لوجودها على أرض الواقع! ما هو دور الجهة الحكومية المعنية بإدارة هذا الملف؟ هل سمعنا أن وزارة العمل باشرت حملة تفتيش لتقييم أوضاع العاملين لدى القطاع الخاص وفحصت وراجعت عقود العمل للعاملين في حال كان هناك عقود عمل من أساسه تنظم العلاقة بين العامل ورب العمل بالشكل الصحيح؟! هل تمتلك الوزارة وعبر مكاتبها أرشيف حصر لقطاع العاملين لدى القطاع الخاص بمختلف نشاطاته؟! هل تلزم الجهة الحكومية المعنية أصحاب الأعمال بموافاتها ببيانات العاملين ويتم منحهم تراخيص بذلك؟! هل هو حلم أن وزارة العمل تقتحم سوق العمل كدولة تنطلق من مسؤوليتها تجاه العاملين اليمنيين وتلامس الحلقة الأضعف لحقوق العامل لدى صاحب العمل بما هو عادل وصحيح: الأجور، ساعات العمل، المخاطر، الحقوق المعقولة التي تحد قدر الإمكان من الظلام والظلم وتخضع لقسوته شريحة كبيرة من أبناء البلد، فلسنا في المدينة الفاضلة؟!!
نعم، نعرف ونقدر ما نحن فيه، ولكنه لا يمنع من التحرك لمعالجة ملفات مدنية.
هل من الصعب فرز مهن العمل للعمال بعد حصرها كشرائح ولكل شريحة عقود العمل المناسبة بالطريقة التي تحفظ حقوق العمال، مثلاً وظائف دائمة، وظائف موسمية تخضع لصيغ قانونية تحفظ حقوق العامل حسب الظروف القائمة...؟!!
الوظائف الدائمة يلزم رب العمل بالتأمين على العامل لدى مؤسسة التأمينات والمعاشات، أعمال من الضروري أن يؤمن صاحب العمل على حياة العامل أو على صحته وسلامته.
نماذج/ مشاكل نتيجة انعدام المعرفة بقانون العمل: مع حالة من النزوح الأخلاقي وموسم هجرة الضمائر، الذي يجعل منها تتحول إلى ظاهرة توحش، لا يلجم انفلاتها إلى مسؤولية الدولة للوقوف بوجه أصحاب الأعمال:
- حالات الفصل التعسفي.
- انتهازية صاحب العمل.
- استغلال حاجة العامل للوظيفة، الأمر الذي يمكن صاحب العمل من إطلاق العنان لجشعه وفرض أجور متدنية بدون رقيب أو حسيب.
- مرتب المدرس في المدارس الخاصة ما بين 25 إلى 30 ألف ريال، وإيرادات المدرسة الربحية عشرات الملايين، وأرقام أكبر بكثير! أليس الراتب البخس للمدرس لدى صاحب العمل يلامس الأثر على الجميع، فالمدرس يعلم أجيالاً، بأي روحية وهو منهوب الأجر مسلوب الإرادة، أخضعته الحاجة وقسوة الظروف للقبول؟!
- الممرضون في القطاع الصحي وساعات دوام حتى في الليل وأجور بخسة، وقد لا يحصلون حتى على ميزة الاستطباب في حال مرضهم نتيجة لجشع رأس المال وغياب من يتحمل مسؤولية هكذا أمور لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.
ضياع حقوق العامل.. القاتل الصامت: موزع لدى شركة مواد غذائية خرج صباحاً مودعاً أولاده ليوصل بضاعة إلى محافظة من المحافظات المحتلة، وفي الطريق تعرض لطلق ناري أودى بحياته. صاحب الشركة أرسل مفاوضين وأخرج شاحنة البضاعة، ولا كأن السائق المقتول مسؤوليته حتى إنسانياً! وبعد وساطات صرف بمنة قبيحة خمسمائة ألف ريال لا تكفي لإقامة عزاء للسائق المقتول! ما رأيكم؟! ثلاثة أطفال أكبرهم سبع سنوات وزوجة لم تستوعب الصدمة ومقتل زوجها والد أولادها، بيت إيجار! من ينتزع حقوق قتيلهم من صاحب العمل؟!
لو قامت وزارة العمل بواجبها لكان لدى السائق عقد عمل وتأمين على الحياة وراتب تقاعدي لأولاده.
عامل ورب أسرة في ورشة لتصنيع خزانات البترول تعرض لإصابة عمل، أصيب على إثرها بشلل كلي، استبدل به صاحب العمل ضحية جديدة! لو قامت وزارة العمل بواجبها هل كان سيضيع حق العامل بعلاج وراتب يصرف عليه أقل شيء، ولن نقول ستحكم له المحكمة العمالية بتعويض، فنحن في اليمن ولله الحمد؟!
قبل أشهر، موظف في كهرباء العاصمة صعد على أحد الأعمدة التابعة لشبكة مؤسسة الكهرباء، غير مدرك أن صاحب كهرباء القطاع الخاص قد تجرأ واستخدم شبكة الدولة، وهو الأمر الذي جعله مطمئناً ألا وجود للكهرباء، وبمجرد وصول موظف الكهرباء ومباشرة عمله تعرض لصعقة كهربائية أدخلته العناية المركزة لأيام فارق بعدها الحياة تاركاً 9 أطفال وزوجة مفجوعة وأباً طريح الفراش، ولم يعاقب أحد ولم يلتفت أحد، وانتهى الموضوع بصرف قرابة ثلاثة ملايين ريال أو تزيد بقليل منها حساب المستشفى.
ماذا لو كان مسؤولو وزارة الكهرباء والمؤسسة على غير ما هم عليه وقرروا التبرع بقسط على كل موظف لأسرة الشهيد؟!
هل جانب التحرك والتعامل مع أي قضية بمسؤولية منعدم لهذا الحد؟! حتى حملات النظافة ضروري أن يشير إليها السيد القائد وساعتها هات يا صور بالمكانس يوم يومين... ثم كما كنت!
قبل الختام، قانون العمل نص على أن يتم البت في القضايا العمالية في مدة لا تتجاوز الـ30 يوماً، والحاصل أنها تضيع في أدراج اللجان العمالية لسنوات، غير آسفين لدمار حياة صاحب القضية العملية، كيف يعيش العامل إلى أن يحكم له؟!!

أترك تعليقاً

التعليقات