حفريات مطليَّة
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
بعد هطول الغيث ونزول رحمة السماء، جرفت مياه الأمطار المتدفقة كريم الأساس الذي كان يغطي حفريات شوارع وجه العاصمة صنعاء، وتكشفت سوءة الغش وانعدام الضمير. حكاية تتكرر موسمياً يرى فيها المعنيون فرصة ارتزاق.
قبل أيام بدأت حملة مساج ودهن لمفاصل الحفر بالزيت الحارق، ليتم بعد ذلك وضع حشوات مؤقتة لسدّ تلك الثقوب التي كانت خلال الأسابيع الماضية كمائن مخفية تطحن وتدك سيارات المستمطرين الشاتمين لمن كان السبب. كما قلت، حملة التجميل مرت في الشوارع الرئيسية وتجاهلت مئات الشوارع الفرعية في مختلف أرجاء العاصمة صنعاء. هل سيأتي الموسم القادم وقد تم تنفيذ خطة عمل وأنجزت، لتلافي تكرار ما يحصل باستمرار؟!
فمثلاً: ساحة ميدان التحرير، التي تتحول بسبب تدفق السيول إلى بحيرة من الأوساخ والقمائم؛ هل سيتم -لو أمكن فنياً، ولا شيء مستحيل- معالجة مشكلة ضيق فتحات غرف التفتيش الخاصة بمياه الأمطار؟! هل سيبادر المسؤولون بتحديد ميزانية لشراء المعدات اللازمة لفرق الطوارئ المعنية؟!
إلى متى سيستمر منح مقاولي القطاع الخاص مئات الملايين، بينما مؤسسة الطرق والجسور وقطاع الأشغال ودائرة الأشغال و... و... و... عبارة عن سكرتارية لطباعة العقود وتوقيع العقود ومحاضر الاستلام وقطع الشيكات، بينما هم من يجب أن ينفذ مشاريع الدولة؟!
تخيلوا، كل هذه القطاعات الحكومية لا تمتلك خلاطة مركزية للأسمنت، ولا تمتلك خلاطة مركزية للأسفلت! بمعنى: لا يوجد بنية تحتية حقيقية تمتلكها مؤسسات الدولة، أصول ثابتة للبلد! هل ذلك مستحيل؟! لمصلحة من التأخر في تحقيق هذه الخطوة؟! ومن المستفيد من عدم إنجاز ذلك؟!
لسان حال كل المعنيين: «لا تتوفر لدينا الإمكانيات والموارد المالية اللازمة»! الأسطوانة المشروخة نفسها! المشكلة عند طرح أي إشكالية ومناقشتها ينهال الجمع بالتشكيك في نوايا المتكلم. طيب، الجميع مُقر ومُعترف بأن العدوان -لعنه الله- هو السبب في كل ما وصلنا إليه؛ ما هو الحل؟! خلاص قدهو عذر ولاظهره؛ أين تذهب إيرادات الأشغال في كل مديرية ورسوم التحسين في كل كيلو كهرباء ولتر بترول ومنتج يدخل من المنافذ إلى العاصمة صنعاء وضرائب القات وإيرادات السلطة المحلية من الاتصالات و... و... إلخ؟!!
 الإهمال الحاصل لا يجوز، ولا يكفي أن يتحول المسؤولون إلى متصورين على كومات الخراب وحزينين على الأطلال. أفكر بعض الأوقات من كثرة ما أسمع في كل مكان من السخط على «الأمين» أن الرجل ربما يرتدي حُلة «سانتا كلوز» ولا سلطة لديه! غيروه و»ابسروا» واحد كمحافظ صنعاء أو محافظ ذمار، وعيدي له الله عمل ثاني، والا عينعدم له مكان حتى في مجلس الشورى توفية للموجودين؟! وما يرضيناش يتقاعد وعاده صغير وقادر على خدمة الوطن!... وعيدي الله حمود غيره!
السلام والإجلال لرجال الجيش واللجان الشعبية، الذين لم نسمع أنهم تذمروا أو تعذروا بحصار العدوان وانعدام الإيرادات! انتصروا لشعبهم وصنعوا الصاروخ والطائرة المسيرة، وداسوا أنف العدو في كل جبهة، وهم الآن نموذج للإرادة التي لا تقهر والعزيمة التي لا تعرف المستحيل، والصدقية التي عانقت التضحيات، يداً حمت الأرض وصانت العرض في كل شبر من أرضنا الطاهرة، وتستحق أن توضع على رؤوسنا، بينما اليد التي يفترض بها إنجاز مهمة البناء شبه مشلولة، لا ترتفع إلا بالقدر الذي تتحصل به ما في جيب المواطن، الذي لا حيلة له تجنبه شَبق الجباية لدى المتعطشين.

أترك تعليقاً

التعليقات