بدايات قاسية عاشها الشهيد القائد
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
بدايات أي تحرك كان دائماً ما تكون صعبة في الأشياء الطبيعية، كتأسيس حياة مستقلة أو تأسيس عمل تجاري، أو غيره، فكيف ببداية تحرك استنفر العالم الباغي بكل إمكانياته لمحاربته، تحرك وبداية لإعادة تصحيح ثقافي وتصويب وعي مجتمعي وإعادة تصويب فكري في ظل ظروف تجعل من مجرد النقاش مشكلة داخلية.
على ماذا بنى الشهيد القائد (رضوان الله عليه) تحركه؟ وعلى ماذا راهن؟
لم يكن الجميع في تلك البداية مستوعباً وقادراً على قراءة الأمور بالشكل الصحيح. وحينها قد يقول البعض إن السيد حسين استدعى الهلاك على نفسه وعلى الناس قبل عشرين عاماً وأكثر مع بداية بزوغ نور المشروع القرآني.
الشهيد القائد معلم وقائد مدرسة محمدية، حيدرية القضية، أنفاسها مطمئنة بقناعة التضحية انطلاقاً من "هيهات منا الذلة"، مدرسة كفرت بأمريكا، مدرسة جسدت رايتها كلمات من نور هدى أعلام الهداية: "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
مدرسة لم يلتحق بها سياسي ولا رأسمالي ولا صاحب دنيا. مدرسة أساسها مغرم لا مغنم، تضحية وشهادة لا أمل بعدها في حياة الدنيا. قائد رباني برفقة فتية آمنوا بربهم وواجهوا العالم، في الحرب الأولى وما قبل الحرب الأولى. الشهيد القائد والقليل من الحيدريين الذين بذلوا دماءهم لسقاية البذرات الأولى للتحرك الذي غير قواعد المواجهة وكسر محاذير الساسة ومخططي الحروب.
شهداء لم يسمع الكثير منا عنهم إلى اليوم، أمثال الشهيد العلامة زيد علي مصلح، الذي كان للشهيد القائد السيد حسين (رضوان الله عليه) بمنزلة الإمام علي (عليه السلام) من رسول الله صلى الله عليه وآله، والشهيد عبدالكريم ثابت وآخرين.
في ظل ظروف قاسية جداً وحاضنة بسيطة جغرافيا وتخاذل عجيب حتى من التعاطف المعنوي ومعادلة مرعبة أن تلتحق بالسيد حسين، يعني أن تطرد، تسفه، تلاحق، تشرد، تجوع، يتبرأ منك أقرب الأقربين...
إن انطلاق الشهيد القائد (رضوان الله عليه) في ظل كل العدمية لأي مقومات التحرك إثبات قاطع للشكوك أن الغاية رسالية والتحصيل رباني. ويتذكر الجميع مرارة البداية، فنحن اليوم بعد قرابة عشرين عاماً لم نعد نستحضر الماضي. قرص خبز يقسم لثلاثة أرتاب، وقد يكون قوت أيام.
الأمر الذي يجب أن يستوقف الجميع ولا يقول أحد اليوم ضحينا، لا! أيش من تضحيات قد تقارن بمن تحرك في الحرب في الأولى وعانى و... و... و...، كل هذا التمكين اليوم ما كان ليكون -بعد الله- لولا تضحيات الجيل الأول ممن آمنوا بربهم (رحمة الله تغشاهم)، ولا قياس اليوم بما كان في البداية.
سؤال حير حتى من باشر محاربة السيد حسين (رضوان الله عليه)، ما هذا؟! ومن هؤلاء الرجال الذين إلى جانب السيد حسين؟! اثنان أو ثلاثة يصدون لواء وطائرات ومدفعية؟!
أجيب على نفسي بأنهم كان لهم الحظ، بأنهم ارتووا ونهلوا وتتلمذوا ونالوا شرف التعلم والتحرك على يد معلم نابغة وقائد عظيم وشخصية استثنائية كانت هي القدوة والنموذج والإنسان.
فجانب الإنسان المهموم والعطوف على الضعيف والبسيط لمن حوله لم يعط حقه بالشكل الذي يسلط الضوء ليعرف الناس معرفة توضح صورة قائد حضوره تملك قلوب من عرفوه، وقيادة لم تصنعها الساسة ولا المال ولا أروقة السفارات ودول الجوار. قائد دمه الطاهر كان الوقود الذي أوقد الشعلة التي أرعبت دول الاستكبار.
فلم يكن لدى السيد حسين شيء من متاع الدنيا لاستقطاب الأتباع وتجنيد الأنصار، لم يملك غير علمه الذي بلغه للأمة بدون جزاء، وتعليم وبصيرة وكيف يتحرك الناس، وكيف عليهم قراءة الأمور من حولهم!
مدرسة ثمارها بناء أمة لدين الله لم يسبق لها مثيل على مر التاريخ. ليتذكر الجميع قول السيد حسين (رضوان الله عليه) في محاضرة وهو يخاطب الناس بمعنى: لو صرختم كأمة لأوقفتم تطاول أمريكا.
سلام الله عليه، لم نستوعب ما قاله إلا بعد التفريط فيما تركه لنا الشهيد القائد من علم وبصيرة، والحرب علينا اليوم من نتائج هذا التفريط.
أسأل الله أن نستحضر العبرة ولا نتساهل تجاه المسؤولية، ونقدر نعمة القائد العلم، ولا نسمح بتكرار ما حصل، وأن يكون العمل يدل على التولي قولاً وفعلاً، وألا نصبح كمن خالف التوجيهات ونزل من جبل أحد.

أترك تعليقاً

التعليقات