بين الحداثة والتحديث
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
سألني أحد الصحفيين عن سبب إلقائي قصيدة عمودية في إحدى الفعاليات، ظناً منه أنني قاطعت الشعر الموزون بعد كتابتي لقصيدة النثر، وهو سؤال ناتج عن ملاحظة واعية من هذا الصحفي للمشهد الشعري.
ولا شك أن للفعاليات الشعرية طبيعتها، ولها جمهورها المختلف، الذي يكون عادةً من الشباب، فأن تقرأ قصيدة نثر وأنت تعرف أنها لا تتناسب مع طبيعة الجمهور فستكون كمن يذهب لجلب السُّكر من “الصليف” التي لا تنتج سوى الملح، أو كمن يؤذن في الفاتيكان.
أنا أكتب قصيدة النثر، وأعمل على توطينها، ومنحها وجهاً جديداً وملامح يعرفها النخبة، ويألفها القارئ العادي، وأظنني نجحت في هذا الأمر في كتابي “كبرتُ كثيراً يا أبي”. كما أنني أكتب الشعر العمودي، والتفعيلة، وأكتب أيضاً النص الشعبي، والغنائي. فمادمت مقتدراً على كتابة كل الأشكال الشعرية فلماذا لا أكتب؟
لا فرق عندي أن تكون القصيدة منظومة أو منثورة، أو فصيحة أو عامية.. وليس لديَّ مشكلة مع الأشكال، أنا مع الشعر الذي يدهشني في أي شكلٍ كان.
أعرف الكثير من شعراء قصيدة النثر توقفوا عن كتابة الأشكال الأخرى، وبالذات العمودي، لأنهم يرون أن القطيعة مع التراث هي من شروط كتابة قصيدة النثر، ولا شك أن رؤيتهم قاصرة، لأنهم يتعاملون مع الأشكال وليس مع جوهر الشعر، فالشعر ليس شكلاً بقدر ما هو روح، وجوهر، ومعنى.
الشعر أكبر من كلِّ تصوراتهم الشكلية، وأكثر من تنظيراتهم الجوفاء.. قصيدة النثر ليست سهلة كما يتوهَّمون. قصيدة النثر لها أجنحة خرافية، لكنهم يخشون الطيران، لذلك سيظلون في النفق المظلم دون أن يجدوا الضوء الذي في آخره.

أترك تعليقاً

التعليقات