لمن لمن؟
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
حين تسأل أي مواطن يمني، رجلاً أو طفلاً أو امرأة، وتقول له: لمن لمن؟
سيجيبك على الفور: لأجل اليمن.
“لمن كل هذي القناديل”، كانت هذه الأغنية الوطنية هي فاكهة الوحدة اليمنية، ورغم أن هناك أغانيَ كثيرةً للوحدة، لكن أغنية أحمد الجابري هي التي التصقت بأذهان الناس، والتصقت بيوم الـ22 من مايو، وانطبعت بذاكرة الوطن والشعب بأكمله. وقد ختمها بقوله:
“سنحيا ونفنى لتبقى اليمن”.
لا يعرف الكثيرون أن هذه الأغنية الوحدوية -التي صدح بها أيوب طارش في عام 1990م قد كتبها الشاعر أحمد الجابري في العام 1986م، أي قبل الوحدة بأربع سنوات، وهذا ليس من باب التنبؤات، لكن لأن الجابري كان من القلائل المسكونين بالحلم الوحدوي اليمني، وكان يتعامل مع الوحدة على أنها حاصلة، وهي القدر المقدور، ويتحدث عن الوحدة في القصيدة بصيغة الماضي كأنها قد تحققت بالفعل.
رحم الله الشاعر أحمد الجابري الذي رحل يوم أمس، بعد صراع طويل مع المرض. وأتذكر أنه قبل عدة أشهر كان في المستشفى وكتب أبياتاً تحكي عن الخذلان الذي عاناه، والأصدقاء الذين جافوه في مرضه وتعذروا كثيراً في زيارته:
“أضاعوني وهم أهلي... بلا بيتٍ ولا سندِ
أعيش العمر مغترباً... وحيد الدرب في بلدي
توارى الناس من حولي... ومات الشعر في خلدي
لمن أشكو وهم أهلي... فما لي بعد من أحدِ
عاش الجابري فقيراً، ومات فقيراً، رغم عروض تلقاها من أجل الخروج من اليمن أثناء الأزمة، لكنه فضل البقاء في صنعاء والموت فيها.
كيف يخرج من صنعاء ويغادرها إلى مكان دونها، وهو الذي يخاطبها قائلاً:
“فديتُكِ صنعاء يا موطني... بروحي، بأنقى دمٍ مؤمنِ”
رحم الله الشاعر أحمد الجابري، فهو واحد ممن تفخر اليمن بإنجابهم، لأنهم سندها وذخيرتها في وقت شدتها، وواحد من أعلامها التي يُهتدى بها إذا ما ادلهمَّ ليلُ الخيانة والارتزاق.

أترك تعليقاً

التعليقات