حداثة منطفئة..
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
في العام 1997، كنت في بداية مشواري الأدبي، وكان هناك جماعة تدَّعي احتكار الحداثة في المشهد الشعري اليمني، هذه الجماعة كانت تكتب قصيدة نثر تشبه الطلاسم والألغاز، وكانوا يتهمون أي قارئ أو مثقف بعدم الفهم حين يسألهم عن مقاصدهم في هذه النصوص الغرائبية التي يكتبونها، لأن القارئ يراها بعيدة وغريبة عنه، وليس فيها ما يلامسه أو يلفت نظره. هذه النصوص الغريبة كنت أرى أنها لا تعنيني، لأنها تأخذني إلى أماكن لا أنتمي إليها، وأقرأ فيها أسماء أشجار لا أعرفها، وأسماء أشخاص لا تشبه أسماءنا؛ نصوص يسمونها «حداثية»، لم تفلح في إيقاف شعرة واحدة في رأسي...
 ولم تستطع أن تجعلني أفتح فمي من الدهشة، ليس فيها هوية، ولا ذات، ولا صورة شعرية، ولا واقع، ولا وطن... ولذلك كنت أقول: القصائد التي يكتبها هؤلاء لا تعنيني، لأنهم يكتبون لأنفسهم ولجماعتهم، وليس لقارئ عادي، ولا حتى مثقف تقليدي، فقد كانوا يتهموننا بأننا تقليديون. وبدلاً من أن تسير قصيدة النثر إلى جانب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وتتجاور معهما، فقد جاءت لتُقصي الأشكال الأخرى وتحل محلها.
وضع هؤلاء أنفسهم على منصَّة التنظير، ونصَّبوا أنفسهم قضاةً يطلقون الأحكام ويعترفون بمن شاؤوا، ويقصُون من يريدون، ويلمِّعون بعضهم بعضاً، ولم يكن يغريني هذا اللمعان، لأنني كنت أوقن بسرعة انطفائه.

أترك تعليقاً

التعليقات