الزبيري وسبتمبر!
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

يأتي عيد ثورة الـ26 من سبتمبر كل عام فيتم التركيز على الاحتفاء بالزبيري ونسيان من عداه من المناضلين. فالبعض مخدوعون وتم تلقينهم قداسة الزبيري في المناهج المدرسية والخطب والأشرطة والمعسكرات الصيفية، والبعض الآخر يحتفلون به احتفالاً مُوجَّهاً، انطلاقاً من أيديولوجيا معيَّنة.
لو جمعنا كل ما كتبه الزبيري عن الثورة لما ساوى قصيدة «أفقنا على فجر يوم صبي»، للبردوني الذي لا يتحدث أحد عن ثوريته، لأنه لم يكن إخوانياً!
أما لو تساءلتَ -مجرد تساؤل- عن أحقية الزبيري بلقب «أبو الأحرار»، فسيخرجك الإخوان من ملة الإسلام، ومن كشوفات الوطنية.
الثورة قام بها أبطال مثل علي عبدالمغني ورفاقه. ومحمد محمود الزبيري خطف الأضواء منهم جميعاً ولُقِّب «أبو الأحرار»، وهو لم يحمل بندقية، ولم يطلق رصاصة واحدة في سبيل الثورة، ولم يكن موجوداً في اليمن حين اندلاع الثورة، فالجميع يعرف أنه كان هارباً من الإمام في مصر ثم باكستان، ولم يستشهد فداءً للثورة. فقد تم اغتياله بعد الثورة بـ3 سنوات في «برَط»، وربما كان مقتله تصفية خلافات فقط. فلماذا يستحق لقب «أبو الأحرار»، هذ اللقب الذي لو كان هناك أحد يستحقه لكان علي عبدالمغني؟!
قد يكون الزبيري ثائراً، لكن هذا اللقب كثير عليه، وهضم للثوار الحقيقيين.
هناك من يستميتون في إثبات ثوريته، لأنه واحد من مؤسسي جناح الإخوان المسلمين في اليمن. فالإخوان يقدسون الزبيري لأنه قدَّم مذكرة للإمام يحيى حميد الدين تتضمن مشروعاً لإنشاء «جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». ..
وهناك من يقول إنه ناضل بالكلمة وكتب قصائد لتأجيج الناس، مع أنها قصائد باردة وعادية جداً، وليس فيها ذلك الإدهاش الشعري، وليس فيها ذكر ليوم 26 سبتمبر ولا لليمن، بقدر مدائحه للإمام أحمد التي تبرأ منها في ما بعد وسماها «الوثنيات»! 
أما العظماء الذين قدموا أرواحهم حطباً لإشعال هذه الثورة لم يمنحهم الإخوان أي لقب. حتى البردوني والمقالح والموشكي وإبراهيم الحضراني وعبدالله العزب وعبدالله حمران وغيرهم من الشعراء الذين ناضلوا بالكلمة فعلاً تم إقصاؤهم، ولا يذكرون سوى الزبيري!
من يحملون البنادق هم أعظم الشعراء. ومن يلقون بالشعر في وجه الظالم هم أعظم المقاتلين.
فحين لا تتحقق طموحاتك ورغبات حزبك فمن العيب أن تقول:
«لا تنتصر للشعب.. إن الشعب مخلوق حقير».
أكذوبة «أبو الأحرار» هي نفسها الأكذوبة التي انطلت علينا مع الشهيد العلفي الذي قتل نفسه بمسدسه ومات منتحراً، بعد فشله في اغتيال الإمام أحمد حميد الدين في مستشفى الحديدة.
ربما أصبحت الشهادة تسمية بشرية. ولست ضد أن يكون الزبيري والعلفي شهيدين، إنما علينا تسمية الأشياء بمسمياتها، كي لا نخدع أبناءنا كما خُدِعنا نحن من قبل.

أترك تعليقاً

التعليقات