تسابيح لم تنقطع
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
ديوان بيتنا في شهارة.. كان مكتظاً بالدعوات المستجابة، ومليئاً بالتسابيح.
في تلك الخزائن، كان آبائي وأجدادي يرفعون المصاحف.. وفي تلك المعالق الخشبية، بين كل نافذة ونافذة، كانوا يعلقون بنادقهم التي لم يقتلوا بها حتى عصفوراً، فقد كانت دعواتهم المستجابة أسرع من أصواتهم.
كانت البنادق للزينة، وكانت أصابعهم تطرق باب الله. وكأن تلك الأصابع مفاتيح لأبواب يعبرون منها إلى حيث يليق بأقدامهم الوقوف.
كانت جدتي تجلس في تلك الزاوية بوجهها الذي يشبه قرص الخبز الساخن، وأصابعها تنسج حكاية الضوء...
غادروا إلى حياة أخرى..
الخزائن فارغة، ولم يعد هناك بنادق معلقة.
صار الديوان مقفلاً، لكنه لايزال مليئا بالضوء.
أبي.. عمي أحمد.. عمي علي.. كانوا ثلاثة، لكن خطاهم كانت واحدة، وكانت جباههم تجتمع في سجدة واحدة.. ودعوتهم لا تعود بعد صعودها ولا تتأجل. فقد كانوا يمشون على الصراط كل يوم دون أن ينتبه لهم أحد، ودون أن يرى أحد خيط الضوء الذي يربط بيتنا بالسماء.
لو كانوا على قيد الحياة لما تجرأت على هذا الحديث، لأنهم لا يريدون أن يطَّلع أحد على ما بينهم وبين الله. رغم أن بهاء وجوههم كان يجعلهم مكشوفين بأنهم من أهل الله.

أترك تعليقاً

التعليقات