أوهن من قلب العنكبوت
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
ليس لديَّ شهادة ميلاد..
ربما لأنني لا أريد أن أعترف لنفسي بذلك..
كل ما أعرفه بضعة أسطرٍ كتبها أبي في دفـة مصحفه، ليقينه أن المصحف أضمن مكانٍ لحفظ حياتي.
وما جدوى أن أعرف كم بلغت من العمر وأنت، كل مساءٍ، تضع يوماً من عمري في حصالتك!
أراك في كل شارعٍ كصور المرشحين..
تلاحقني في كل مكانٍ أذهب إليه كرسائل الموبايل التي تلاحقنا حتى ونحن خارج نطاق التغطية.
أنت أسرع من دعوةٍ مستجابة، وأفـتك من سيارةٍ مفخخة...
وأنا أبطأ من الإصلاحات الاقتصادية، وأوهن من قلب العنكبوت.
أعرف أنك تهتم بي كثيراً، وأقدر لك هذا الاهتمام المبكر منذ سقوط أول أسنان الحليب.
كنا نحاربك بتعويذةٍ طفوليةٍ تعكس نقاء السريرة، والسرير، أيضاً، ونحن نتمتم ونطأطئ رؤوسنا في خشوعٍ يضحك منه الحمار حين نطلب من الشمس مقايضتنا بسن غزال.
كنت تذهب إلى «مصنع الغزل والنسيج»، كل يوم، لتتفقد أكفاننا..
ترى، أين تذهب الآن بعد أن تم إغلاق المصنع؟!
أحس بك مسجوناً في أسطوانة الغاز، تنتظر أدنى إشارةٍ من عود ثقابٍ غادر..
لهذا أنام دون عشاء، لأنني لم أعد أحب الأكل المطبوخ.
أراك تتنكر في الصابونة كلما سقطت من يدي وأنا أغتسل، مستغلا امتلاء عيني بالصابون، وانقطاع الماء الذي سيضطرنا ذات يومٍ إلى إقامة صلاة الاستسقاء أمام وزارة المياه.
كلما مات شخصٌ يتصدر قائمة الأفضلية، وتنطلق الإشادات، المتأخرة جداً، بأنه كان الأفضل في أسرته وبين أصدقائه، ولا مكان للأنقياء في هذا الزمن!
فأطمئن على نفسي كلما سمعتهم يقولون: «ما يسير إلا الجيد»..
أقسم لك إنني لست «جيد»، فهل تصدقني؟

أترك تعليقاً

التعليقات