حكايات للتدجين!!
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

قرأنا كثيراً في كتب التاريخ والسِّيَر عن الجوع الذي كان يعانيه أسلافنا الذين كانوا يربطون الحجارة على بطونهم من شدة الجوع. وطالما كنت أتخيل هؤلاء الذين كانوا يربطون بطونهم بالحجارة من الجوع، وأتساءل: هل هي وصفة فعالة لإسكات الجوع؟ وهل كانوا يتمشون والحجارة مربوطة في بطونهم؟ وكيف كانوا يتناسلون والحجارة تحول بينهم؟ فإن كانت الحجارة حلاً مؤقتاً فلن تكون ذات جدوى ما لم يكن هناك حلٌّ جذري، وكم سيصمد الرجل في مواجهة الجوع معتمداً على هذه الحجر التي ربطها على بطنه؟ وطالما أنها ليست سوى حل مؤقت فلا جدوى منها، ما لم يكن هناك عمل أو زراعة يستطيعون الاعتماد على ثمارها وخراجها لأكل عيشهم منها. 
يموت الناس في أماكن كثيرة في العالم جوعاً دون أن يصف لهم طبيبٌ حجراً ليربطوا بطونهم بها.
الحجارة منها ما يتشقق فيخرجُ منه الماء، ومنها ما يهبط من خشية الله، ويستخدمونها "كمَّادات" ساخنة، ويرجمون بها الشيطان والصهاينة أيضاً، و"الحجر من القاع والدم من راس القبيلي".
ما الجدوى من هذه الحركة أصلاً؟ وهل الحجارة تهدئ الجوع؟
 "كنوت هامسون" في رواية "الجوع" لم يفكر أن يربط على بطنه حجراً، فقد أكل الخشب، ثم فكر في اليوم التالي أن يأكل إبهامه حين شعر برطوبتها وإمكانية أكلها، لكنه لم يفعل بالتأكيد.
الحجارة لا تسمن ولا تغني من جوع. حتى الأحجار الكريمة لا تفعل شيئاً، ولا تساوي حتى قطعة خبز في حال اشتداد الجوع.
ليست سوى روايات كانوا يسوِّقونها ليحبِّبـُوا الناس في الجوع ويجعلونه أمراً هيناً واعتيادياً لدى العامة من الناس، لتصبح هذه الأحجار مصدر عزاء للجوعى لكي يتكاسلوا في البحث عن لقمة عيش يسدون بها جوعهم.
وقرأنا كذلك في كتب التاريخ والسير أشياء مناقضة تماماً لهذا الجوع الشديد والأحجار العجيبة. فقد أخبرنا رواة الحديث وكتَّاب التاريخ والسيرة أن عثمان بن عفان كان من أثرياء قريش، وأن ورثته قاموا بتكسير تركته من الذهب بالفؤوس لكثرة ذلك الذهب.
إضافة إلى ما قرأناه عن الوديان المليئة بالإبل والشاة، وعن بيت المال الذي كان ممتلئاً حتى سقفه بكل أنواع الطعام والخراج والزكوات.
ابتكروا حكايات كثيرة لجعل الناس سلبيين وقنوعين بما في أيديهم، كي لا يفكروا بالعمل والثراء، لأنهم لن يستطيعوا السيطرة عليهم حين يكونون في حالة شبع، وكأن الإنسان العربي لا بد أن يكون راضخاً تحت سطوة الجوع وانتظار من يمد إليه بلقمة كي يفلح في تدجينه.

أترك تعليقاً

التعليقات