معنى المعنى
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
ابتسامة ساهرة منذ سنوات طويلة، وأرقٌ يسيطر حتى على الملابس.. الجمادات تعرفني وتعتزُّ بوفائي لها.
كلابُ الليل التي تنام تحت السيارات.. اللصوص.. البرد الطليق كمجنون فرَّ من المصحة.. الأرصفة التي يتخذها المجانين وطناً حميماً ودافئاً.. كلُّ هذه الأشياء تشبهني.. تفصلني عنها نافذة مصابة بالتدخين السلبي، وبعض منشورات الفيس بوك التي أتحدَّى نفسي في كتابتها.. إضافة إلى الأغاني البائسة التي لا جمهور لها في هذه اللحظة سواي.. أنا المُغنِّي والصدى، أنا الطلقةُ والقتيلُ، أنا الجرحُ والضُّماد.
أنا وحشةُ هذه المساءاتِ التي لا يؤنسُها سوى القناديلِ المطفأةِ التي أخطئُ كلَّ مرة في عدِّها..
شموعٌ كثيرةٌ أحشدها في موقد روحي درءاً  لذئاب الألم وأوجاع التذكُّر، كأنني شجرةٌ عاريةٌ نبَتَت في مكان مصدَّات الثلوج وهي لا تصلحُ لتلك المهمَّة..
أنا والظلُّ واقفانِ أمامَ نافذةِ السَّهر، نعدُّ القناديلَ المضاءَة في سماء صنعاء حيناً، وحيناً نعدُّ القناديل المطفأة، كمجنونَيْن قرَّرا أن يعودا إلى رُشدهما..
أحدِّثهم عن عالم الماء وهم على التراب.. عن تكوين كلِّ حرف.. عن نشأة معنى المعنى، عن التباسِ الليل والنهار في نظر الشَّفق.. عن سرِّ تكدُّس الملح في حدقات البحر.. عن الأشياء حين تتقلَّص ثمَّ تعود إلى ذرَّةٍ صغيرةٍ لا يكون انتفاخها الحقيقي إلاَّ كبذرة قَرْعْ..
أنا يـُكشف لي، وهم يتوهَّمون.. أحاول تصوير المشهد، لكن، أنَّى يرونه بتلك العدسات.. كمن يصف حريقاً هائلاً لرجلٍ خرج من بطن أمه أعمى!
لن يفهمني أحد.. ربما هو الجنون.. فليكن، مادمتُ أعرفُ متى سيحدثُ الانفجار العظيم، لأنني واحدٌ من منفذيه..
أرى تاريخ انتهاء كلِّ شيء، رغم صلابته والاعتقاد بأزليته.. أسمع نبضَ البراكين، وأرى قلقَ الأرض.. وأحسُّ بحاجةِ الجبل إلى يدٍ ضخمةٍ تحكُّ جِلْدَه المليءَ بالبثور.

أترك تعليقاً

التعليقات