الإصلاح.. وعلمانية تركيا
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

لا نزال نتذكر المسيرات المليونية التي كان ينظمها الإخوان المسلمون في اليمن رفضاً للدستور العلماني. ونتذكر أناشيد وملصقات وجداريات "لا للدستور العلماني". ونتذكر خطب عبدالله صعتر وعبدالمجيد الزنداني وتعريفهما للعلمانية بأنها الـ"لا دين". ونتذكر فتوى الديلمي بإباحة دماء العلمانيين والاشتراكيين في عدن. وأتذكرهم في قريتنا "شهارة"، كان الإصلاحيون حين يريدون أن يشتموا أحداً لا يجدون عبارة أقوى من "يا علماني"، فقد كانت هذه العبارة تعني "يا كافر". 
ها هم أصحاب التجمع اليمني للإصلاح يسبحون اليوم بحمد أردوغان وعلمانية تركيا! وليتهم يكونون علمانيين ومنفتحين مثل تركيا! 
هل أدركوا معنى العلمانية أخيراً؟! لا أظن ذلك، فمعظمهم حين ينتمي إلى هذا الحزب لا يكون إلا بوقاً يردد ما يسمعه وما يتم 
تعبئته به من قبل مشائخه في الدين، النازلين في فنادق الرياض والقابعين على موائد سلمان.
يتفاعلون مع انتخابات تركيا أكثر مما كانوا يتفاعلون مع الانتخابات اليمنية! ويقدسون أردوغان كأنه نبي مرسل! وكذلك فعلوا مع مرسي، الذي رفعوا لأجله أصابعهم الأربع في مواقع التواصل الاجتماعي، ثم شطح بهم الأمر فأنزلوا جبريل إلى اعتصام "رابعة" ليبلغهم بأحقية مرسي في كرسي الحكم! ليلتها نَذَرَت الكاتبة رشيدة القيلي "أم لادن" أنها ستزوج زوجها بامرأة مصرية إن فاز مرسي في الانتخابات!
في الانتخابات الأخيرة لتركيا التي نُصِّبَ فيها أردوغان رئيساً، امتلأ "الفيس بوك" بصور أردوغان وعلم تركيا. ولحظة إعلان فوز أردوغان كتب إمام مسجدنا منشوراً ...
على "الفيس بوك" قال فيه إن قلبه كان سيتوقف لو خسر أردوغان، وأنه كان سيموت... وأقسَمَ بالله وكتبه ورسله إن قلبه أوشك على التوقف أثناء فرز الأصوات!!
لم يخش قيِّم مسجدنا ليلتها أن يتوقف قلبه لأجل تعز والحديدة وصعدة، التي كانت تقصف بوحشية من تحالف العدوان، ولم يخشَ أن يتوقف قلبه لأجل ضحايا "مستبأ"، وصَمَتَ أيضاً ليلة قصف القاعة الكبرى.
يا هؤلاء! ساء ما تعبدون! ليتكم تدركون أن عبادة الأصنام والحجارة أفضل وأشرف من عبادة البشر!
متى يكفون عن كونهم أبواقاً تروِّج للطغاة، ويدركون معنى إنسانيتهم ومعنى وجودهم على هذه الأرض، ليوقنوا أنهم ليسوا وكلاء الله في الأرض ولا المتحدثين نيابة عنه؟! فقد انكشفت أقنعتهم وساءت سمعتهم كثيراً ولم يعد هناك شيء يجدي لتلميع كل هذه اللحى الملطخة.

أترك تعليقاً

التعليقات