الأيادي البيضاء وحمران العيون
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
الضغوطات الاقتصادية المتعددة الوجوه، والتهديدات الخطيرة ذات المسحة النوعية على صعيد الأمن الوطني، والحصارات الخانقة التي عطلت التنمية وإمكانيات التحرك الاقتصادي المجدي لسد رمق ونفقات واحتياجات الناس اليومية والضرورية، أحدثت ثغرات بين الدولة وشعبها، حيث أجبرت الدولة في الآونة الأخيرة على السعي لسد تلك الثغرات بإيجاد خطط للتنمية الزراعية والاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية الزراعية لحماية الوطن من الارتهان لدول الغرب والوصاية، والخروج من نفق الابتزاز ومساعي تفجير الوضع من الداخل.
وقبل أن تذهب المؤامرة الممرحلة بكل الآمال واستدراج السلطة لتسليم كامل أوراقها للجوع والفساد، يبدو أن الثورة أخذت تتوكأ على آلامها وتحاول الإفلات من طوق الضغوطات المتزايدة التي تحاول كيانات العدوان إغراقها في أزماتها المتلاحقة وتوفر سند الأمان بالتوجه نحو الزراعة واستكمال بناء ما دمره العدوان من ممتلكات وثروات وآليات ومعدات كانت مخصصة لتطوير الحياة العامة.
ويمكن القول بأمانة بأن القيادة الثورية والقوى الشريفة تحاول بكل الإمكانيات تجاوز مواقع الجوع والفساد، التي كانت سبباً في تلاحق الأزمات، بوضع الخطط التنموية وتعزيز محاولات التقارب بين احتياجات الناس والوضع القاسي والكئيب نتيجة العدوان والفساد والخروج من الضغوطات والحصارات التي يتكئ عليها العدوان والفساد وتبديد أسبابها، حصارات وانقسامات تربك التوجه الوطني شمالا وجنوبا، وتقتل الحياة وتخفي، خلفها أوجاع الإنسان المقهور، ليس بفعل العدوان والحصارات فقط، بل بسبب عدم وجود البديل الاقتصادي والخطط الممنهجة والبرمجة كما هو حاصل في إيران وسورية وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا.
ويمكن القول وبأمانة بأن القيادة الثورية والقوى الشريفة تحمل في عقلها ووجدانها همَّ البناء الوطني قبل أي شيء آخر، والبناء الوطني يمر بمعادلة بسيطة هي ألا عدالة من غير قانون، ولا حرية من غير نظام، وأن الانتماء إنما هو للوطن، ومشاريع التنمية الزراعية وغيرها من المشاريع إنما هي الاستنهاضية، وأن البناء والعدالة والحرية والديمقراطية والمشاريع والتوازن الاجتماعي لا يمكن إنجازها على قاعدة المحسوبية والعشوائية، ولا على قاعدة احتكارية استئثارية، ولا في ظل فساد تنامى وتضخم وأهدر المال العام لمصالحه الخاصة، ولا في ثوابت من التمثيلات السياسية التي تعتمد على أرصدة من شروط الأمر الواقع، بدلاً من اعتمادها على رصيد الكفاءات والقدرات العلمية وشروط الأمر الوطني، التي من أسسها التوازن بين أولويات الوطن وعلى رأسها أولويات التحرير والوفاق، وليس التوازن بين الحصص والحقائب الوزارية.
وفي النهاية، ليس من أمل في كل هذا التحول والتغيير والتنمية والبناء إلا بشروط توضع بعهدة الأيادي البيضاء والشريفة وبعيدة عن «حمران العيون».

أترك تعليقاً

التعليقات