سورية الصخر والزهر
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
 شاءت الجامعة العربية أم أبت فإن لسورية المقاومة الدور والدور الأساسي في الحل والربط بخصوص أوضاع المنطقة وقضية الصراع العربي، وكل ما يتفرع عنها من عقد ومشاكل. سورية هي بوصلة الهداية لجيل عربي متصحر هجنته السياسات المفرطة في العمالة والجهل والسذاجة حد تحويل الصراع العربي ومفهومه إلى خلاف جوار ليس إلا.
سورية برغم العدوان، وبرغم كل التفاصيل الأخرى، مازالت قوية، مفعمة بالحضور، مليئة بالأحلام، مقدسة، ممنوعة الانتهاك، مهيبة الوجدان، وجليلة الروح، تشع وهي على مفترق طرق، وتضيء في لحظة يعز فيها الضوء، وتختلج في ساعات الضوء الأولى لفجر الثورات، فجر الوحدة، فجر المقاومة، فجر العبور إلى الانعتاق من الدكتاتوريات والاستغلال والتعسف والإرهاب.
سورية خريطة لها حضورها الذي يخترق بؤبؤ كل عين، رغم كل الظلام، رغم كل الغيوم، لمسة واحدة من أشعة يبثها المخزون التاريخي لسورية كفيلة بإشعال اللهب المضيء فوق تضاريس الوطن العربي كله. سورية الحلم والأمل، ومازالت خريطة متحركة في مدى الخط المقاوم بكل سلاح وعتاد. سورية ترفض الخيانة، ترفض الجمع بين الصحة والمرض، ترفض التسوية والتطبيع، ترفض واقعنا المتردي، ترفض حقاً أن تكون و»إسرائيل» بيننا، و»بيننا» هذه لا يقتصر أمرها على الأرض، وإنما في كل ما يتصل بحياة مجتمعنا، وفي دروب الحياة كلها.
هذا الدور لسورية لم ينشأ من فراغ، بل هو ضارب جذوره في أعماق التاريخ، وتمليه اعتبارات شتى، ليس أقلها موقع سورية الجيوستراتيجي في «الشرق الأوسط» وموقفها المبدئي في مساندة المقاومة العربية الإسلامية، والاهتمام المطلق بالمصالح القومية العليا، التي تشكل على الدوام محور السياسة السورية وغاية وهدفاً لها لا يعلوهما غاية وهدف آخر، حتى يمكن القول إن سورية ترى مصلحتها الوطنية دوماً في إطار المصالح القومية العليا للأمة العربية، وبذلك العقيدة والمبدأ والإرادة.
صمدت سورية في وجه 80 دولة حاولت إسقاط نظامها المقاوم وإبعادها عن محيطها العربي والإسلامي وتركيعها؛ لكنها انتصرت الانتصار التاريخي، وهزمت أمريكا التي عارضت بقوة عودة سورية إلى الجامعة العربية، وحرضت حلفاءها (قطر والكويت والمملكة المغربية) تلك الدول الهشة التي لا تملك الرؤية الواضحة في عز النهار، وطبيعي ألا تملكها في ظلام المشروع الأمريكي.
سورية تحملت طعنات الغدر المسمومة من النظام العربي الرسمي الذى ضخ مئات المليارات من الدولارات لتركيعها؛ ولكنه رفع في الأخير رايات الفشل البيضاء واستسلم له، وبات يسعى للتسامح والصفح والغفران، بعدما تأكد أن سورية تقود ولا تُقاد.
سورية لن تكتفي بهذه العودة الرمزية إلى جامعة عربية منهارة فاقدة الصلاحية والحس القومي وارتكبت آثاماً وخطايا وخيانة مخجلة بتواطئها مع المشروع الأمريكي التقسيمي، عندما أبدت تأييدها لتدمير سورية واليمن والعراق وليبيا.
إن المراهنة على المستقبل رابحة بقدر خساراتها الراهنة. ومن سورية الحبيبة ومن جهاتها الأربع سوف تشرق شمس الحرية الدافئة فى قلب المنطقة ومركز العالم، وبذلك تستقيم الحياة، وبدونها لا تستقيم، فكما في سورية صخر ينبت الزهر كذلك في أحشائها البركان الممتد بين المحيط والخليج، يغسل النفوس ويطهر الضمائر.
بورك صخرك كما زهرك يا سورية الحبيبة.

أترك تعليقاً

التعليقات