سقوط مرعب لديمقراطية أمريكا!
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

لم تعد أمريكا بقراراتها وعقوباتها وتصنيفاتها ذلك التنين المرعب، بل تحولت إلى أرنب مذعور، فاستراتيجيات الدول الكبرى لا تبنى على القيم الوهمية ولا على المقاييس والتصنيفات الساذجة من نوع إما أن تكون معنا وتحت هيمنتنا وطوع أمرنا وإما أن تكون "إرهابياً"، وفق مفهومها للإرهاب.
مساعي أمريكا إلى تصنيف أنصار الله حركة إرهابية دليل جديد على مدى هشاشة نظامها العالمي الذي تنادي به، فسلاح العقوبات والحصار الاقتصادي، والتصنيفات الساذجة سلاح العاجز، ولا مكان للعاجز على قمة الهرم العالمي.
أمريكا تمر بمرحلة انتقالية أقرب إلى الفوضى منها إلى النظام، مرحلة يشوبها الغموض والتناقض والالتباس، وإلا كيف يمكن أن نفهم ونفسر المشهد الهوليوودي الإرهابي العنيف داخل مبنى الكونغرس والاقتحام الهمجي على طريقة أفلام رامبو وأفلام رعاة البقر (Cow Boys). قطيع من الرعاع يهاجم مبنى الكونغرس في بلد يتغنى ليل نهار بالاستقرار والأمن وحماية السلم العالمي والديمقراطية، الاقتحام يستهدف ركائز الديمقراطية في الدستور الأمريكي، أي الكونغرس (مجلسي النواب والشيوخ)، والذي كان بصدد عقد جلسة مشتركة للمصادقة على فوز جون بايدن.
الديمقراطية هي أول قيمة يجرى ابتذالها في أمريكا وبتلك الفظاعة الهمجية الإرهابية، هناك خلل عقلي ونفسي، واضطرابات متنوعة، وجوع شديد للسيطرة على رأس النظام الأمريكي، هذا الخلل جزء من منظومة سياسية ثقافية واقتصادية متكاملة اسمها أمريكا وبضاعتها المعهودة بتصدير الإرهاب ونشر الجنون واللااتزان والفوضى الخلاقة، والرعب، والحروب العالمية، وابتذال كل ما له علاقة وقيمة إنسانية، وبداية الجنون والابتذال هي اللعبة والمهزلة الديمقراطية الهشة والضعيفة، المتمثلة في انتخاب رئيس للولايات المتحدة التي تقننت ونظمت وصار لها محترفون وأخصائيون ومؤسسات بارزة، كل ذلك لجعل الديمقراطية عملية تسويق بارعة للرئيس أشبه بتسويق البضاعة للمشترين، وبالتالي فإن من يتمكن من عرض بضاعته الرئاسية بشكل أفضل من منافسه هو الذي يفوز بمقعد المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، ولهذا السبب بالذات تلعب الإثارة لعبتها في تحديد الفائز أكثر مما تلعب المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية دورها في انتخاب الرئيس، تلك هي المهزلة الديمقراطية، وذلك هو الـ"رامبو" الجديد المنتخب والذي سيقرر مستقبل العالم ويحدد من هو إرهابي ومن هو معتدل.
أمريكا أحوج ما تكون إلى معالجة قضاياها الداخلية قبل أن تفكر بتصنيفاتها الساذجة ومعالجة قضايا الآخرين وقبل أن تفكر بالسيطرة على العالم وفرض العقوبات الاقتصادية والحصار والعدوان وسياساتها تجاه البلدان المقاومة لإرهابها.
المجتمع الأمريكي بأمس الحاجة إلى المعالجة بعد أن بدأ بالتفكك نتيجة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعنصرية، وتبدد الحلم الأمريكي أمام الإفرازات الرئاسية المجنونة والسلوكيات الحمقاء لترامب، وبالأخير ما هي محصلة تلك السياسات الحمقاء؟ المحصلة سلبية لم ترضخ تلك الدول والمنظمات المقاومة ولم يتغير موقفها، بل ازدادت عنفاً وزخماً ورفضت كل أنواع الابتزاز.
تستطيع أمريكا بقوتها العسكرية أن تقوم بدور "شرطي" العالم، ولكنها لا تستطيع أن تقود العالم، فللقيادة شروط أخرى، أمريكا ليست قادرة بحكم طبيعتها أن توفرها لنفسها وحتى قواتها العسكرية تطلب أمريكا من تلك الكيانات الكرتونية الدفع مقدماً لاسترجاع كلفة حركاتها، الأمر الذي يحولها من دور "شرطي" إلى دور "مرتزق".
العالم سيظل تحت تهديدات الاضطرابات والسياسات الاقتصادية والاختلالات العسكرية طالما يسوده نظام إمبريالي عالمي غير عادل أو متوازن، وهذه تؤدي إلى عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار يعني فوضى ولا نظام.

أترك تعليقاً

التعليقات