القامة الشامخة والموقف الشريف
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
زمن العمى واللعب في التعبئة، زمن مزندق ملتبس وبلا أخلاق؛ أتدان كلمة حق أحيت وتحيي روح النضال والمقاومة الوطنية والتمرد على كل أشكال العبثية والظلم والتحالفات الكونية المتوحشة والعدوان الذي فتك بشعبنا وأرضنا وتاريخنا وإنساننا وثرواتنا؟! أتدان التصريحات الإنسانية المحقة التي تصف العدوان على شعبنا بالعبثي، ولا يدان العدوان ذاته، ولم تجرؤ مملكة الشر أن تدين في حينها تصريحات ترامب المهينة والمذلة ووصفه مملكة الشر بالبقرة الحلوب والدولة الهزيلة التي لا تستطيع أن تحمي حدودها ولا تستطيع الاستمرار والبقاء بدون الحماية الأمريكية، وأيضاً تصريحات بايدن بأن الحرب على اليمن كارثية؟!
إن الحملة الشرسة واللئيمة التي يتعرض لها وزير الإعلام اللبناني المناضل الشريف جورج قرداحي لإدانته العدوان على اليمن وإطلاقه صرخة الوجع الإنساني ووصفه تلك الحرب بالعبثية، وأن الشعب اليمني من حقه أن يدافع عن نفسه وأرضه ضد عدوان ظالم، ذلك الموقف الذي يجسد قمة الشجاعة والموقف الإنساني الشريف، وأن منتقدي القامة الشامخة يفتقدون كلياً إلى هذا الحس الإنساني ويفتقرون للضمير الحي والشعور الإنساني السليم، حيث وصلت الحملة اللئيمة إلى حد مطالبة أولئك الممسوخين والمتسمين بالخواء الفكري والوطني والمعيار الهابط في الأسلوب الانتقادي بإقالته من الحكومة. مواقف منحطة ودنيئة ومشاعر مبتورة لا تجد مكوناتها الإيجابية إلا متى دفع لها من المال المدنس، لا تجد ذاتها المريضة إلا في تمزقها وانفصالها، وفي عملية التخريب الذهني وتشويه عملية التعبئة السياسية والإعلامية التي تساعد على تغذية العدوان والإحباط واليأس والقتل والتجويع والحصار والعبثية المطلقة.
هناك شجاعة وجرأة ميزتها مواقف المناضل الشريف جورج قرداحي في خرق الحصار الإعلامي وقول الحقيقة، حيث أطلق صرخته المدافعة عن الإنسان المظلوم والمقهور والذي يقصف ويجوع بشكل يومي، الإنسان الذي يدافع عن أرضه وكرامته ولا يريد أن يستلب أو يخضع أن ينقاد وتتبادله الأيادي القوية ليساق إلى المذابح كالأغنام. صرخة هي دعوة للثورة على محاولة إخضاع واستلاب شعب وإلغاء أمة بكاملها. هي دعوة بامتلاك الشعب اليمني حريته ورفض العدوان الوحشي والخضوع لذئاب وضباع هذا العصر، رفض للإعلام الموجه الذي هدفه غسل أدمغة الناس.
قال الحقيقة من دون أن يطلب إذناً من أحد، وبالتالي لن يرضخ لأحد أو يعتذر لزعماء المكارثية الجديدة، السعودية ومن لف لفها، مكارثية في أسوأ أشكالها في تكميم الأفواه والابتزاز والترهيب. صرخة مستمدة من وجع إنساني، متكافئة مع الحقيقة لا متلعثمة ولا تائهة بين المواقف المتواطئة التي لا يؤذن لها بالكلام أو بالفعل أو بالتصرف والقرار إلا متى جاءت منسجمة مع الأمركة، وتدندن ألحاناً قميئة كئيبة متضامنة مع الظلم والعدوان، أصوات ومواقف جرداء من كل حس إنساني وتصر على الاستلاب والضياع وتظل متخلعة عن مضمونها. تلك القوى تريد أن تجبرنا جبراً على التبعية والانحناء والتواطؤ والتخاذل وعدم الانتماء، وعلى قطيعة دائمة مع الوطنية والكرامة، وأن نتبنى منطق الضباع. وبالرغم من كل ذلك هناك رجال الرجال وصرخات قوية.
صرخة المناضل الشريف جورج قرداحي يتقاسم وجعها كل الثوريين وملايين الأفراد من ضحايا "عروبة اليوم". صرخة مجروحة لقامة شامخة داست وتدوس بأقدامها كل القرارات الأمريكية والسعودية المفروضة على محور المقاومة، قامة تمتلك ما يكفي من العزة والكرامة كي ترفض الظلم والعدوان في زمن الضمائر الميتة والمشوهة، زمن الانحناء أمام قوانين وتعليمات سيد العرش الإمبراطوري القادر على تمويه الموت والدمار وسحق الإنسانية والطفولة والبراءة ويجعلها أكثر عدالة، زمن يتسم بدرجة عالية من السفالة وانعدم الأخلاق والإنسانية.

أترك تعليقاً

التعليقات