اتضحت الرؤية وليتها لم تتضح
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
لطالما سألت نفسي ما الذي يجعل القيادي الفلاني يطلب مني أن يصلح بيني وبين المسؤول الفاسد والظالم والمتعجرف والسارق المبهرر الذي أبلغ عنه، رغم أنني أثبت له كل بلاغاتي بالأدلة والوثائق، وكنت أقول حينها إن هذا القيادي طيب جدا يريد الصلح وبنفس الوقت كان ينتابني تساؤل عن سبب عدم اتخاذ أي إجراء تجاه المسؤول الذي أبلغ عنه، رغم أنني طرقت أكثر من باب، وفي الأخير اكتشفت أشياء تمنيت أنني لم أكتشفها وأهمها:
1. الجهات مقسمة بين قيادات كمشرفين على هذه الجهات ولا يتم التغيير في الجهة إلا بترشيح وتزكية وموافقة من المشرف عليها، بمعنى آخر الهيئات أو المؤسسات أو الصناديق لا تتبع الوزراء المعنيين فعليا وإنما تتبع أشخاصا محددين.
2. الفاسد لا يخشى أحدا طالما كسب ود المشرف على الجهة التي يديرها، وبالتأكيد هو يدرك تماما كيف يكسب الود وكيف يغرق الشخص في مصالح شخصية تجعله ذليلا وخانعا لهذا المسؤول الفاسد، وتتحول المعادلة بشكل عكسي، فيصبح المسؤول الفاسد لا يبالي بما يوجهه به المشرف ولا ضارب له كرت، بل غالبا يتحدث عنه بلهجة عنطزية وقبيحة ويقول «هو بالجيب» لأنه ماسك عليه أشياء جعلته ذليلا، ونفس الشيء يمارسه مع المحيطين به فيقوم بإغراقهم بمصالح ضيقة تكون كفيلة ليس بالسكوت عنه فقط، بل وحمايته.
3. الذي صعقني وتمنيت لو أنني لم أعرفه هو أن مجموعة من المسؤولين الفاسدين لديهم شركات ومؤسسات ومكاتب تجارية وأدخلوا معهم قيادات شركاء وبهذا ضمنوا عدة أشياء أهمها: أولا، أعمال تجارية ومشاريع تتدفق على شركاتهم عبر الجهات التي يديرونها في الجانب الحكومي بمعنى «استغلال السلطة في المصلحة الشخصية» وبشكل قبيح وبدون تنافس وإجراءات قانونية وبطريقة تثقل كاهل الدولة حيث تكون الأسعار والتكاليف في تنفيذ المشاريع خيالية جدا، ثم إنها تكون غالبا مشاريع وهمية أو لا احتياج ضروري لها في ظل الأوضاع الحالية، ويجلسوا يقرطوا من ظهر المشروع زلط سنين قبل التأسيس والبدء بالمشروع ويقرحوا مليارات باطل وعاد فيها عمولة جانبية غير الأرباح، وفجأة يتحول الفاسد إلى ملياردير خلال فترة بسيطة، ورغم كشف هذه الحقائق إلا أن تقارير الأجهزة الرقابية لم تكن كافية، فالإقالة تتطلب موافقة القيادي المعني بالجهة، وثانيا، ضمنوا الحماية الدائمة، وإزاء كل ذلك أرجو اتخاذ الإجراءات التالية:
1. مكنوا الوزراء والمحافظين من الجهات التي تحت سلطتهم قانونا وحاسبوهم على إخفاقاتهم وأخطائهم وفشلهم (تمكين ورقابة وتقييم مستمر ومحاسبة).
2. احصروا كل العقارات الجديدة منذ بدء العدوان بجميع أشكالها والأرصدة في كل البنوك، وفعلوا مبدأ «من أين لك هذا؟» مع التنبه لمسألة أنها ليست مسجلة بأسماء ملاكها والتتويه الذي يتم بهذا الشأن (باسم زوحته، باسم المرافق، باسم شخص آخر.. إلخ)، سيتبقى معكم الأرصدة النقدية والسيارات والذهب وما إلى ذلك ابشروا ببرنامج لحصرها وتتبعها ورصدها إذا كانت عندكم نية.
3. الشركات والمؤسسات والمكاتب التجارية اسحبوا قائمة بالسجلات التجارية والتراخيص والبطائق الضريبية وبطائق عضوية الغرفة التجارية وعقود التأسيس ولنا خبر.
لن يفيد تغيير مسؤول أو اثنين ككباش فداء لا أكثر، «إن لم تعدموا الثور فلن تنتهي القوازي»، لأن الداعمين «عيدوا» غيرهم والسرابيت ملان السوق ما عيعجزوش النافذين بتدبير بدلاء كما قد طلعت جيفة الأولين لذلك غيروا الأساس وانطلقوا من جديد وذلك أسهل وأسرع لإسقاط كل الفاسدين بضربة واحدة.
ملاحظة: الجوانب المشرقة موجودة وكثيرة جداً، وتتجلى في الجانب الأمني وهيئة الزكاة (مع بعض الملاحظات على عملها)، وهيئة تشجيع الابتكارات والاختراعات واللجنة الزراعية العليا (أيضا مع بعض الملاحظات)، وبعض مكاتب وزارة الصناعة والتجارة مؤخرا وكثير من الجهات، ووضعنا رغم الحصار الجائر والعدوان الكوني القبيح أفضل ألف مرة من المناطق المحتلة، ولكننا نأمل في مسيرة الأحرار، الخير ونريد أن نكون بأفضل ما يمكن بحسب المستطاع.
وكل ما ورد لدي أمثلة حية عليه وأدلة وأنا مسؤول عن كل ما قلته، فأين مخلصو الأنصار ليكملوا المشوار الذي اكتشفت نصف الطريق فيه؟

أترك تعليقاً

التعليقات