طواغيت العهد «غير البائد»
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
عندما كان يتعرض أي مواطن لظلم وانتهاك من بعض رموز النظام السابق بشقيه العفاشي والخونجي (عفاش وزبانيته، علي محسن وأولاد الأحمر وحاشيتهم) كان آخر شيء يفكر فيه المظلوم هو اللجوء إلى القضاء، لأنه يعرف النتيجة مسبقا، وإذا حدثت ضجة وحراك شعبي أو قبائلي في قضية معينة كانت تحل بالأعراف بشكل يؤدي إلى الإنصاف الجزئي دون أن ينال الجاني عقابه (تغطية للموضوع فقط وليس إنصافا وعدالة حقيقية)، أما من لا حول له ولا قوة فكانت السلطة تغض الطرف عنه، بل تحاربه بشتى الطرق إن حاول رفع قضية أو بحث عن العدالة.
كانت هذه المآلات طبيعية في ظل الحكم الديكتاتوري المتسلط وعندما دخل الأنصار وانطلقت ثورة الحادي والعشرين من أيلول المجيد وتم اقتلاع الطواغيت الذين كنا نرى مسألة اقتلاعهم ضربا من الخيال شعر الشعب بالأمان وتيقن أنه أمام مسيرة تقارع الظلم وتسعى لتحقيق العدل والإنصاف، لكن الغريب في الموضوع هو النفوذ الكبير الذي لايزال يمتلكه كثير من طواغيت العهد البائد.
فمثلاً، أحد من تعرضوا للظلم من حميد الأحمر رفع دعوى وقضيته واضحة وضوح الشمس وقد صدرت فيها أحكام باتة، ورغم أن الحكم لم يكن منصفا بما يكفي إلا أنه قبل بالحكم، ولكن فجأة يتم إعادة قضيته من المحكمة العليا إلى المحكمة الابتدائية بحجة ظهور أدلة جديدة رغم أن المظلوم كان قد وصل إلى مرحلة التنفيذ الجبري، ليتضح لاحقاً أن حميد الأحمر لايزال نافذا ومسيطرا في كثير من الجوانب.
وشخص آخر وهو الصديق العزيز مجيب الرحمن الحوشبي تعرضت ابنته لحادث مؤلم من إحدى سيارات موكب عفاش مما تسبب لها بشلل نصفي ومأساة ترافقها منذ عشرين عاماً، وقد باع أبوها منزله وأرضه وكل ما يملك وهو يتابع الجناة وبنفس الوقت يعالج ابنته ويكافح لتستمر في حياتها ودراستها رغم إعاقتها، وغرق بالديون والالتزامات والآلام في آن واحد، وعند مجيء الأنصار استبشر خيراً ورفع تظلمات وشكاوى إلــى أكثر مـــن قيادي، لكن لم يلتفت أحــد لمظلوميته، بــل لـــم يكلف أحــــد نفسه حتى دراسة ملفه أو إحالة الملف إلى القضاء، لأن الواقع يقول بأن إحالة الملف إلى القضاء من قبل أحد القيادات تجعل القضية تسير أسرع والإنصاف أقرب خشية من القيادي الذي أحال الملف، وهذا أمر سيئ حيث يجب أن تحظى كل القضايا بالاهتمام خشية الله عز وجل وليس خشية المخلوق والمنصب.
ومواطن آخر، قام أحد أعضاء مجلس النواب، وهو أيضاً أحد أنساب عفاش المعروف عنهم نهب العقارات، قام بنهب منزله وأرضه، رغم أنه وأسرته يسكنون المنزل منذ عشرة أعوام ولديهم كل بصائر ووثائق الملكية إلا أن الناهب استغل نفوذه وسلطته آنذاك وكذا ضعف المظلوم، وأيضاً عند قدوم الأنصار رفع المظلوم شكوى إلى اللجنة العدلية وتمت إحالتها إلى مجلس النواب بدلاً من إحالتها إلى المحكمة أو البت فيها، وفي المجلس ذهبت الشكوى أدراج الرياح، ورفضت المحكمة المختصة استقبال القضية بحجة وجود حكم سابق، رغم أن المظلوم لديه ما يثبت أن الحكم مزور.
واليوم قرأنا مناشدة لأحرار محافظة شبوة الأبية يناشدون فيها القيادات إنهاء احتلال منزل المجاهد اللواء عوض بن محمد بن فريد، محافظ محافظة شبوة، من قبل مهدي مقولة وهو أحد رموز النظام السابق رغم صدور أحكام تلتها أوامر قضائية إلى الجهات الأمنية بتسليم المنزل وإعادته لمالكــــــــه.. تخيلــــوا أن نبحــث عن إنصـــــاف المجاهـد الكبير عوض بن فريد من المرتزق الرخيص مهدي مقولة!
هذه القضايا ليست حصرية وليست الوحيدة وإنما هي نماذج ومؤشر لوجود مئات القضايا والمظالم المشابهة، ومبررات عدم الإنصاف هي أن فلانا ساعد الأنصار خلال فتنة عفاش، وفلانا لم ينضم للعدوان، وفلانا أمواله مجمدة أو تحت إدارة ورقابة الحارس القضائي، وغيرها من الأعذار الواهية التي لا يجب إطلاقا أن تقف عائقا أمام تنفيذ العدالة لاسيما في ظل حكم الأنصار الذين حملوا على عاتقهم مواجهة أبشع عدوان كوني شهدته البشرية ويواجهون أعتى قوى الشر والظلام بسبب رفضهم سياسة الهيمنة والاستكبار ولا يخنعون أو يركعون لغير الله عز وجل وينشدون استقلال اليمن وإلغاء التبعية والوصاية.
أما ما يزيد الطين بلة، فهو ظهور مظالم جديدة مثل المظلومية الكبرى للمواطن شرف حجر الذي كان كل ذنبه هو توريد مائتين مليون ريال «دفعة أولى» إلى الخزينة العامة كجزء من الديون والالتزامات المتراكمة على شركة «واي» للدولة.
قضية شرف حجر محزنة ومؤلمة للغاية، بل إنها تثير الخوف، لأن الظالم فيها قيادي يحظى باحترام وتقدير الكثيرين، والغريب أنه صاحب حملة «أنصف الناس من نفسك»، وقد صدرت أحكام المحكمين بعد تشكيل سبع لجان جميع تقاريرها لصالح حجر، وكذا صدرت توجيهات السيد القائد بتنفيذ الأحكام، لكن شرف حجر، ومنذ أربعة أعوام، لايزال ينشد العدالة، علماً أن غريمه هو أحد الفارين والمنضمين لدول العدوان، وصاحبنا القيادي تصدر الواجهة واستخدم نفوذه وسلطته في تدمير المظلوم والدفاع بشكل مستميت عن الغريم حتى أصبح هو الغريم والعائق أمام إنصاف حجر.

أترك تعليقاً

التعليقات