خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
لم ينتظر السيد القائد إلى أن يقول الحجر هذا يهودي خلفي، ولم يخش الأساطيل والقوى العظمى، وخاض هو والمحور المعركة دون تخطيط مسبق انطلاقا من الواجب الديني وتجسيدا لمبدأ وحدة الساحات، واستمرت المعركة إلى أن أراد الباري عز وجل أن يبقى الشاب النوراني الرباني والقائد اليماني السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي منفردا في مواجهة الكيان الصهيوني وداعميه من قوى الشر والظلام قاطبة لمساندة غزة، وذلك بعد أن اصطفى الله سماحة العشق وسيد القول والفعل ليرتاح في جنان الفردوس الأعلى بعد أكثر من أربعة عقود من العطاء المستمر منذ العمل الجهادي الميداني إلى لحظة الارتقاء، وقد كانت ولاتزال فترة استراحة محارب بالنسبة للحزب، وكان لاجتياح سورية واحتلال وقطع خطوط الإمداد أثر سلبي على محور المقاومة، سبقها ما حدث في إيران من إرهاصات واغتيالات، فاستمر القائد اليماني إلى جانب المساندة العراقية الشجاعة، ورغم كل حملات الشيطنة والتشويه والتشكيك بالموقف اليمني بأنه ليس لمساندة غزة وما القضية الفلسطينية إلا حجة ومبرر للحصول على مكاسب سلطوية.
 إلا أن قرار وقف العمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي، والتي كانت قد وصلت إلى خط المحيط الهندي وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، ووقف استهداف عمق الكيان فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أثبت للجميع أن الموقف اليماني كان ثابتاً وصادقاً، ولم تكن العمليات إلا لمساندة الحق ونصرة للمظلومين ومقارعة للباطل وكموقف إنساني بحت مرتبط بوقف الاعتداء والمجازر في فلسطين وإدخال المساعدات، بل إن القائد منح المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، حق التفاوض بشأن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر»، وهو ما دفع المقاومة إلى أن تطلق على الأنصار لقب «إخوان الصدق» في إشارة لإخوان الكذب والدجل من أصحاب المواقف الكاذبة ناهيكم عن المتخاذلين والمتواطئين.
وكان لكبار المحللين كلمتهم بأن الموقف اليمني أكبر سبب لإيقاف العدوان على غزة وكبح جماح الكيان ومسانديه لاسيما بعد تطور العمليات اليمنية وصولا إلى نجاح عمليات استهداف حاملات الطائرات الأمريكية وما يرافقها من فرقاطات وبوارج عسكرية مما أدى إلى انسحاب وفرار أربع حاملات طائرات، وهذا لم يسبق أن حدث من قبل، بالإضافة إلى استخدام صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيّرة قادرة بفضل الله على اختراق القباب الحديدية وكل منظومات الدفاع الجوية للكيان الصهيوني وداعميه، وهي المنظومات الدفاعية الجوية الأحدث تكنولوجيا والأكثر تطورا، إلى جانب الاستهداف الدقيق لمواقع وقواعد عسكرية ومنشآت حيوية ضمن بنك أهداف محدد وليس قصفا عشوائيا ومجرد وصول للصواريخ والطائرات المسيّرة إلى أي بقعة، وهنا بحث العدو عن مخرج وعن إجابة لسؤال أرهقهم وأصابهم بالأرق وهو: ما الذي يمكن أن يوقف العمليات اليمنية؟
رغم أن الإجابة كانت معهم منذ الوهلة الأولى إلا أنهم حاولوا أن يحدث ذلك مع الاحتفاظ بماء الوجه بحيث يبدو الأمر انتصارا للكيان وليس العكس.
عرضوا الاعتراف بسلطة أنصار الله من خلال الإشارة إلى حل القضية اليمنية مع تحالف العدوان السعودي -الإماراتي، وذلك يعني ضمنيا الاعتراف بسلطة الأنصار، وتحدثوا بصريح العبارة بأن الموقف اليمني في البحر واستهداف عمق الكيان يعرقل تنفيذ «خارطة الطريق»، بمعنى أن توقف العمليات سيقود إلى السلام، وعندما وجدوا أن ذلك غير وارد في قاموس القيادة اليمنية هددوا بمزيد من التجويع والحرب الاقتصادية وصولا إلى العقوبات الاقتصادية الظالمة واللاقانونية، فلا أجدت الجزرة نفعاً ولا فادهم التهديد.
وفي الأخير، رضخ العدو لمطالب اليمن الإنسانية والقانونية، لكن الإخراج كان عن طريق مفاوضات ووساطات وبحجة الإنسانية وغيرها من الشعارات الزائفة، وما كان للكيان والقوى العظمى المساندة والمؤيدة له أن ترضخ للسلام وبشروط المقاومة الفلسطينية لولا تغير المعادلة والموازين، وللتوضيح أكثر، لم يكن الموضوع عبارة عن تفوق عسكري وإنما قدرة على الاستهداف واستقلالية وجرأة على اتخاذ القرار، في ظل افتقار العدو بشكل كامل لبنك أهداف في اليمن بحيث يتمكن من تدمير السلاح وورش التصنيع والتحديث والتطوير الحربي، وكلما قصفوا بأعتى وأحدث أسلحتهم التدميرية زادهم ذلك انتكاسا كون الضربات كانت ترتد عليهم وعلى قاعدة «الصاع بصاعين»، من خلال الرد اليمني الفوري ومن خلال استمرار الموقف بحرا وجوا، بل والتصعيد وصولاً إلى المرحلة الخامسة، وبالتالي كان الاستمرار لا يشكل أكثر من تعرية وفضح لهشاشة الولايات المتحدة الأمريكية.
بدأت مرحلة تنفيذ الاتفاق وتبادل الأسرى وفق المتفق عليه مع بعض الخروقات الصهيونية، وانتهت الفترة الزمنية لتنفيذ الاتفاق ولم ينفذ الكيان بند الانسحاب الكامل من غزة، ولم يصادق على وقف دائم لإطلاق النار، ولم يكمل عمليات تبادل الأسرى وعاد لحصار غزة من جديد، وحدث ذلك بالتزامن مع التصنيف الأمريكي للأنصار، وهو تزامن مقصود ومخطط له مسبقا، معتقدين بأن هذا التصنيف ومآلاته من عقوبات وحصار وخنق مالي واقتصادي، وإلغاء لـ»خارطة الطريق» المتفق عليها مع السعودية، وحزمة من الإجراءات التصعيدية ضد اليمن، سيجعلنا نتريث قليلا هذه المرة ولا نستعجل في استئناف المساندة لغزة، وسيجعلنا نفكر قليلا في وضع اليمن، خاصة أن القصف والمجازر وعمليات الإبادة التي كان يمارسها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني لم تعد، واقتصار الأمر على الحصار وهذا يمكن أن ينتهي بالحوار والوساطات، ولا داعي لإقحام اليمن في معارك كبرى من جديد.
فاعتلى السيد اليماني عبدالملك بدر الدين الحوثي منبره رافعا رايته ليقول كلمته مرة أخرى، محددا فترة زمنية لاستئناف العمليات اليمنية البحرية في حال لم تدخل المساعدات إلى غزة خلال أربعة أيام، ووعد الحر دين عليه.
إن وعد سيد الجهاد والمقاومة ليس هرطقات كالتي يقولها الرئيس الأمريكي ترامب، ولا موقفا دراميا تمثيليا أردوغانيا عثمانيا يليه خنوع من تحت الطاولة، وإنما موقف صدق وحق وحتما سيليه فعل وبشكل تصاعدي بحسب مواقف العدو، بحيث تكون المعادلة حصار مقابل حصار، وإذا تطور الأمر إلى عودة الإجرام والمجازر لن تتوانى القيادة في التصعيد، لكن الجديد في الأمر هذه المرة هو دخول عدد من الأسلحة الجديدة حيز الخدمة، بمعنى أن اليمن الذي أجبر عالم الشر على وقف إجرامه في المرة السابقة سيفعل أكثر من ذلك بكثير هذه المرة، فالسلاح الذي أجبر حاملات الطائرات الأمريكية على الهروب والفرار إلى أقصى شمال البحر الأحمر ثم العودة من حيث أتت، بات معززا بأحدث وأقوى الأسلحة التي تصيب أهدافها بدقة وسرعة أكثر من السابق، والقادرة على إشعال النيران في الأساطيل قبل أن تتمكن من الهروب، وسيرى العالم النيران وهي تشتعل في تلك الأساطيل التي لطالما تفاخرت بها أمريكا واعتبرتها سلاحها المتفوق، وسيتحول البحر الأحمر وخط الملاحة الدولي إلى ساحة لمعركة كبرى يبرز فيها الإيمان كله لمواجهة الشر كله، ما لم تدخل المساعدات إلى غزة خلال أربعة أيام.
وهناك سيناريو آخر يمكن أن يحدث، وهو بدء استئناف العمليات اليمنية البحرية بعد أربعة أيام، ثم الاستجابة الفورية أو حتى بعد عدد بسيط من العمليات والرد ومعركة قصيرة، ثم إدخال المساعدات وأيضا على أن ذلك حدث بوساطات وليس ركوعا وخضوعا للموقف اليمني.
نحن أمام ثلاثة سيناريوهات، الأول: دخول المساعدات قبل انقضاء المدة التي حددها السيد القائد، والثاني: انقضاء المدة قبل دخول المساعدات وبدء استئناف العمليات البحرية اليمنية، وتتحرك الوساطات بعد فترة زمنية وجيزة لا تحدث فيها معارك كبرى، والسيناريو الثالث: وهو المرعب للعدو بكل تفاصيله، ولا أعتقد أن حسابات العقل والمنطق ستقود أعداء الإسلام والإنسانية إليه.
دعونا ننتظر بثبات وإيمان منقطع النظير، فقد أعد قائدنا العدة وعمل بالأسباب، والتوفيق والنصر من عند الله عز وجل.

أترك تعليقاً

التعليقات