شركات الوهم أكثر من نصب واحتيال
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
لا أعتقد أن قضية شركات الاستثمار الوهمي مجرد قضية نصب واحتيال بالدرجة الأولى. هناك شيء في الموضوع لم ينتبه له أحد. وقد تحدثت مع المعنيين في اللجنة الاقتصادية العليا عن ذلك قبل إلقاء القبض على أصحاب هذه الشركات.
فبالنسبة للنصب والاحتيال كان ذلك معروفاً لدى كثير ممن يعون أن تلك الأرباح وهمية، وأن الضحايا هم المسجلون حديثاً، وأن العملية عبارة عن تغطية أرباح المسجلين القدامى باستخدام رسوم التسجيل الخاصة بحديثي الانتساب، ولذلك كان هناك فارق زمني ما بين التسجيل وبدء استلام الأرباح (6 أشهر).
لكن هناك جانب مهم يجب التطرق له؛ هل لاحظتم أن التسجيل يتم بالريال اليمني والأرباح تصرف بالريال السعودي؟!
الموضوع له علاقة باستهداف العملة المحلية المعتمدة. والدليل على ذلك هو اختفاء مبالغ ضخمة جداً، فعند حصر ممتلكات أي شركة نصب واحتيال، بالإضافة إلى حصر ما قد تم تسليمه للمساهمين تحت مسمى أرباح، وحصر النقدية المتوفرة التي تم تحريزها تستمر فجوة النقص، فمثلا فيما يخص "قصر السلطانة" كان ولا يزال النقص مقدراً بعشرات المليارات، وهذا مبلغ ليس ببسيط أو قليل ليختفي بسهولة. قمت سابقا بإبلاغ اللجنة الاقتصادية العليا بهذه الملاحظة، وقالوا لي حرفيا: "بوركت جهودك، فبلاغك هذا هو الأول من نوعه، حيث وصلتنا عدة بلاغات جميعها متشابهة وتحوم حول مسألة النصب والاحتيال، وكنت الوحيد الذي تطرق إلى أنها حرب ضد العملة، بمعنى أنها جزء من الحرب الاقتصادية ومدعومة من العدوان”.
الجدير بالذكر أنه لا يزال هناك متسع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فبالإمكان عقد صفقة مع ملاك كبرى شركات الاستثمار الوهمي ليدلوا حكومتنا على مكان السيولة التي أخفوها مقابل تخفيف العقوبات القانونية المترتبة عليهم، وبهذا نكون قد أعدنا السيولة المعتمدة للتداول، وحللنا جزءاً من مشكلة شحة السيولة وأعدنا للضحايا أموالهم طبعاً، إن لم يكن الجناة قد أحرقوها وأتلفوها أو تم تهريبها إلى المناطق المحتلة.
ولو أن الموضوع كان مجرد نصب واحتيال فلن يختفي هذا الكم الهائل من السيولة النقدية، لاسيما بعد احتساب كل صغيرة وكبيرة، بما في ذلك ما سبق تسليمه من أرباح لكل المساهمين.
ولا يمكن أن يكون الفارق مهولاً بهذا الشكل، علماً بأن الأجهزة الأمنية حصلت على كثير من المبالغ داخل شقق وبدرومات ومنازل قديمة، بمعنى أنها كانت مخزنة كنوع من أنواع تجميد العملة وعدم استمرار تدفقها إلى السوق، وبالتالي عدم اكتمال الدورة النقدية.
وبهذا الشأن أستغرب كيف أن حكومتنا تمكنت من إلقاء القبض على جميع ملاك هذه الشركات والمندوبين ولم تتمكن جميع أجهزتنا الأمنية من انتزاع الاعتراف بشأن مكان اختفاء السيولة النقدية! والأهم من هذا هو كيف لم يلاحظ المعنيون اختفاء هذه الكمية الضخمة من السيولة وعدم استمرار تداولها في السوق؟!
نحن لا نواجه السعودية والإمارات فقط! نحن نحارب أعتى وأخبث قوى الشر والظلام في هذا العالم، وعليكم أن تتوقعوا كل أنواع وأشكال الحروب.

أترك تعليقاً

التعليقات