اتقوا حرب العدو النفسية
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
لا يوجد دولة في العالم بدون جرائم؛ الفرق فقط في النسبة. وفي اليمن نجد أن نسبة الجريمة في مناطق جغرافيا السيادة الوطنية أقل من غيرها من الدول المستقرة، رغم ما نعانيه من عدوان كوني متعدد الأشكال، وسعي عدواني حثيث لخلق الفوضى وزعزعة الأمن.
الغريب في الموضوع هو أن البعض ينشر كل ما يحدث، سواء على مستوى الجريمة أم الانتهاكات، حتى لو كانت قضايا فردية أو مشاكل أسرية وأمورا لا يجب الخوض فيها، ولا يتركون حتى الحوادث، وإن لم تحدث لا يهدأ لهم بال، فيسارعون إلى نقل مقاطع وأخبار وأحداث حصلت خارج اليمن، وتحولت صفحاتهم إلى صفحة حوادث، وكأنها مهمة رسمية موكلة إليهم!
اجتهاد عجيب في انتقاء كل ما يؤذي مشاعرنا ويزعجنا. يسارعون لنشر كل ما يؤدي إلى التشاؤم والقلق والإحباط والخوف والرعب والفزع والشك والتوتر والألم وكل ما يسبب الانهيار النفسي والانكسار المعنوي.
وعندما نجد إنجازات معينة تستحق الإشادة، على سبيل المثال لا الحصر إنجازات اللجنة الزراعية السمكية، رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجه اللجنة (والتي سنتحدث عنها في مقال مستقل قريبا)، أو إنصاف في قضايا محددة، لا يلتفتون لها، وكأن مهمتهم تقتصر على نشر الجانب السلبي والمظلم فقط!
وبدوره إعلام العدوان يسيّس كل القضايا، بما فيها الحوادث المؤلمة والمحزنة، ويستثمر كل صغيرة وكبيرة تحدث، ويسخرها لتشويه المسيرة ومحاربة الأنصار وضرب حاضنتهم الشعبية.
يضيفون لبعض القصص بهارات، تكتشف بمجرد قراءتها أنها بهارات إخوانية وأخرى عفاشية وبعضها من وحي الخيال، ولا يساورك شك أنها برعاية صهيونية بريطانية كجزء من الحرب النفسية.
والبعض ينمق ما ينشره على أساس أنه للنصيحة؛ فمثلاً: ينشر عن حالة مرضية ميئوس منها ويسردها بشكل قصصي محزن للغاية. بالتأكيد ليس جميع مدمني نشر أخبار العنف والجرائم والحوادث يتعمدون تدمير نفسيات المجتمع، وإنما هذه هي اهتماماتهم. وكذا هناك تفاعلات تلقائية. وبالتأكيد أيضاً هناك تفاعل الغرض منه لفت النظر كوسيلة ضغط بحثا عن الإنصاف؛ لكن عموما التركيز بشكل كبير وبصورة مستمرة على ما يؤلم ويؤذي السريرة يجعلنا نتعرض للتعذيب النفسي بشكل دائم وبطريقة ممنهجة ومدروسة.
ما زلت أتذكر اعترافات إحدى الخلايا الإعلامية التي كانت تخدم العدوان، حين اعترف أعضاؤها بأنهم كانوا مكلفين بنشر الرعب والخوف، وكانوا آنذاك يستخدمون التهويل بشكل كبير جدا والتدليس والكذب والتزييف بشأن «كورونا»، حتى جعلوا من الشك والانهيار المعنوي السبب الأول في موت كثير من الأشخاص، بمن فيهم من لم يكونوا مصابين إلا بزكام فقط (الشك قتال)!
يريدون قتل معنوياتنا وتدمير إرادتنا، فذلك سيجعلنا نرضى ونقبل بعودة التبعية والوصاية باعتبارها إنقاذاً وخروجاً من حالة الكآبة المستمرة، فالشعوب المهزومة نفسياً والمنهارة معنوياً تقبل بأي حلول مهما كانت مجحفة، وتعتبر التبعية والوصاية طوق نجاة.

أترك تعليقاً

التعليقات