خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

تطبيع العلاقات مصطلح سياسي يشير إلى "جعل العلاقات طبيعية" بعد فترة من التوتر أو القطيعة لأي سبب كان، حيث تعود العلاقة طبيعية وكأن لم يكن هناك خلاف أو قطيعة سابقة.
ولأن الإمارات لم يكن بينها وبين الكيان الصهيوني أي خلاف أو قطيعة سابقة، بل كان بينهما تعاون مشترك وعلاقة مليئة بالود، فما فعلته مع الكيان يتجاوز التطبيع بخطوتين، ولهذا لم يتم نشر وإعلان بنود الاتفاقية الصهيونية الإماراتية التي تمت برعاية أمريكية.
الخطوة الأولى كانت التطبيع وإن لم يكن معلنا إلا أن مؤشراته واضحة، ومن خلالها يمكن تحديد الفترة الزمنية التي طبعت الإمارات علاقتها مع الكيان، وهي الفترة التي بدأ الإعلام الإماراتي يصمت تجاه القضية الفلسطينية، ثم جاءت الخطوة الثانية "علاقة الود"، وهي الفترة التي بدأت فيها دويلة الإمارات بإلغاء وإزالة كل ما يشير إلى الكيان الصهيوني كعدو سواء في المناهج الدراسية أو الفعاليات الثقافية، ثم الخطوة الثالثة وهي التعاون المشترك، وهي الفترة التي بدأ فيها مسؤولون إماراتيون بزيارة الكيان لبحث أوجه التعاون المشترك.
ما فعلته الإمارات الآن هو الخطوة الرابعة، وفيها تم الاتفاق على التعاون المشترك الشامل (سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا و...) وتشمل اتفاقية دفاع مشترك.
ما تم الإعلان عنه "اتفاقية سلام" لكن لا أحد تساءل: لماذا لم يتم نشر بنود ونص الاتفاقية؟
فلو كانت اتفاقية سلام أو حتى تطبيع لما كان هناك ما يستدعي إخفاء الاتفاقية، لاسيما وردود الفعل الشعبية العربية والإسلامية ليست بحجم الحدث ولا ترقى إلى مستوى الاعتراض، وهذا بسبب عقود من الغزو الفكري حتى إذا جاء هذا اليوم ينقسم الشارع العربي بين مؤيد وصامت ولا يعارض إلا من لم يتمكن الإعلام العالمي من السيطرة عليه، ولايزال يحمل فكراً حراً نابضاً بالحياة والحرية.
لكن التهيئة كانت لقبول التطبيع، فما هي ردود الفعل عندما يعرف الشارع العربي أن الكيان استبق الزمن ووصل بعلاقاته مع العرب إلى مراحل متقدمة جدا تتجاوز التطبيع؟!
الجدير بالذكر هنا أنه ورغم التدليس والتعتيم الإعلامي والتخدير الشعبي، إلا أن مراهقي عيال زايد حاولوا التخفيف من ردة الفعل بالكذب، والادعاء بأن الاتفاقية تمت لصالح فلسطين وإيقاف ضم الكيان للأراضي الفلسطينية، إلا أن نتنياهو سارع بنفي صحة الأمر، وصرح بأن الاتفاقية لا علاقة لها بضم الأراضي الفلسطينية، ومن هنا يتضح للجميع أن الكيان سئم علاقات الحب السرية والزواج العرفي، واشترط على كل من يخالفه بإظهار وإخراج العلاقات الحميمية إلى فوق الطاولة، ولا مجال بعد اليوم لإظهار مواقف تختلف عن الحقيقة كما كان يفعل بعض حكامنا الذين ينعتون الكيان بأقبح العبارات أمام شعوبهم وهم في حقيقة الأمر من أول المطبعين بل الخانعين.
أما الآن فإما أن يعلن الحاكم وتعلن الدولة علاقتها الحقيقية بالكيان أو تصمت، والصمت في حقيقة الأمر هو تطبيع، فمن لا يعارض ولا يندد أو يشجب فعل الإمارات فهو مؤيد ومبارك لهذا الفعل.
وقريبا سيصرخ كل من عانق الصهاينة لأنهم عاهدوا من لا عهد لهم، وسيتعامل الكيان معهم كعبيد يستخدمهم، وعند الانتهاء يرميهم ويأتي بغيرهم، ولن تكون علاقة طبيعية قائمة على الود المتبادل واحترام السيادة، فالمحتل الغاصب لا مكان لديه لهذه المبادئ ولا يرى إلا مصلحته.
ملحوظة: من يتحدث عن التعايش وقبول الآخر قولوا له بأن هذا يمكن أن يتم في مجال الأديان والحضارات ونبذ العنصرية بكل أشكالها، لكن قبول الاحتلال الصهيوني لأولى القبلتين فهذا يعتبر خيانة وذلاً وهواناً وليس تعايشاً.

أترك تعليقاً

التعليقات