فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
حتى الآن لم يزل تراثنا القديم والحديث مغموراً، أو على الأصح مطموراً، ولا أدري إن كان البحث عن هذا التراث أولاً ودراسته ثانياً من مهمات وزارة الثقافة، التي ننتظر أن تنجز وعدها بإصدار بضعة دواوين أو كتابات الراحل الأديب الناقد الكبير عبدالله بن صالح البردوني.
مئات الدواوين الشعرية وكتب الفقه وأصول الدين وعلوم اللغة وعلوم القرآن والحديث الشريف... لا تزال مذخورة لحشرات الكتب في زبيد وذي جبلة وذمار وصنعاء وتعز وحضرموت وكثير من مناطقنا اليمنية. والذي لا تعلمه -فيما يبدو- جهات الاختصاص أن ألوف المخطوطات قد رحلت إلى الخارج بواسطة تجار ذخائر التراث اليمني من يمنيين وقطريين وسعوديين عن طريق مطارات وموانئ المملكة المتوكلية والجمهورية اليمنية.
والمصيبة الأكبر أن هذا التراث المنهوب سيخضع للتحوير والتغيير والعبث بالمصير، كجانب من جوانب الحرب على اليمن من قديم الزمن، وكان ضعف المال أو عدم وجود بند لشراء الذخائر ونفائس التراث جواباً يراه وزير الثقافة منطقاً موضوعياً كجواب على سؤال: من المسؤول عن ضياع تراثنا؟!
في سنة 1966، صدرت في بيروت لبنان عن مؤسسة المعارف الطبعة الأولى لكتاب «شعراء اليمن المعاصرون» لهلال ناجي، الذي حاول أن يرد على أسئلة كثير من المثقفين والنقاد العرب، وأبرز هذه الأسئلة: «هل ثمة شعر وشعراء في اليمن؟!». ويردف هلال قائلاً: «وإذا كان هذا هو رأي الأدباء والمثقفين، فما بالك بسواهم؟!».
ولم يكن الدكتور طه حسين إلا واحداً من هؤلاء المثقفين والأدباء النقاد الذين سألوا هذا السؤال الفاجع الفاقع: هل في اليمن شعر وشعراء؟! وإن كان الأديب الناقد والشاعر والملكي الجمهوري السيد أحمد بن محمد الشامي قد رد وبالدليل على هذا السؤال في كتابيه النقديين: «قصة الإرث في اليمن»، و»الشعر المعاصر في اليمن» والذي قضى معظم هذا الكتاب الثاني في الرد أو على الأقل تصحيح بعض مفهومات ناقدين معاصرين كثير، الأول الدكتور عبدالعزيز المقالح، والثاني هو أستاذه الراحل عز الدين إسماعيل، أستاذ الأدب والنقد في جامعة عين شمس بمصر العربية.
وليس المطلوب إخراج التراث إلى الوجود وحسب، وإنما إنشاء هيئة تتبع وزارة الثقافة أو وزارة البلدية أو وزارة... أي وزارة، تعنى بدراسة التراث الذي سيظهر إلى الوجود إن شاء الله، وفق اختيار موفق لاختصاصيين من الباحثين النقاد.
كان فيما أذكر وزير الإعلام والثقافة الأستاذ يحيى حسين العرشي صاحب فكرة «الألف كتاب أو المائة كتاب كل عام»، وصدرت بعض كتب حقق بعضها القاضي الأكوع، ومن بينها كتب «العقود اللؤلؤية» للخرزجي و»قرة العيون في أخبار اليمن الميون»... ثم مات هذا المشروع، ولا ندري متى يبعث!
الوزير عبدالله الكبسي من بيت علم وثقافة، لعله ينتبه لهذا الموضوع فيسجل سطورا مشرقة يذكرها له الباحثون.
كما أذكر أن الأخ خالد الرويشان ساهم في إخراج كثير من الكتب ومنها رسائل ماجستير ودكتوراه لباحثين يمنيين كهولاً وشبابا.

أترك تعليقاً

التعليقات