جالاكسي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
الأشقاء الأعراب وحدهم الذين لن يدرسوا ولن يحللوا حادث «جالاكسي»، السفينة «الإسرائيلية» التي ظنت أن بإمكانها خوض المغامرة في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر.
الصهاينة ومعهم الغرب مازالوا يعانون الصدمة المفاجئة التي أعمت القلوب والأبصار لسببين اثنين:
الأول: أن اليمن عبر قيادته الثورية سبق أن أنذر إعلامياً على مستوى العالم أن أي اختراق لمياهنا الإقليمية جواً وبراً وبحراً سيكون الرد عليه بشكل سريع وفوري، خاصة بعد الاستعراضات العسكرية في كل من صنعاء والحديدة، وشاهد العالم كله أسلحة بحرية وجوية أثناء العروض المذكورة.
الثاني: أنه ومن فترة قريبة تحركت الغواصات «الإسرائيلية» وحاملات الطائرات الأمريكية إلى البحر الأحمر لحماية أصدقاء السعوديين، بخاصة الذين طالهم الفزع من عروض صنعاء العسكرية، ولم تجرؤ القيادة المصرية على الحؤول دون منع سفن الأساطيل المصرية مما يتنافى مع سيادة مصر وميثاق «المائعة العربية» الذي ينص على الدفاع المشترك. وهذا السبب الثاني يفترض ما يأتي:
أ) إذا كان العالم يعرف أن البحر الأحمر مليء بالأساطيل والغواصات وألوف الأمريكيين والبريطانيين، فكيف استطاع اليمنيون أن يقوموا بهذه المغامرة؟!
ب) «جالاكسي» تصبح فاكهة موسم المراكز البحثية في العالم، فبلد يعيش حصاراً عالمياً تقوده الإمبراطورية الأمريكية يقوم بهذا التحدي الخطير.
جـ) أن المرتزقة، عُبّاد الريال والدرهم والدينار، وهم يشاهدون زورقاً فيه بضعة جنود أسود من أبطال اليمن يقودون الغنمة «جالاكسي»، لن يعدموا الكذب والحقد فيزعمون -لا وفقهم الله- أن «جالاكسي» وأصحابها وأهليها لم تكن إلَّا فيلماً أنتجته «هوليوود» أمريكا!
هناك حقيقتان اثنتان نجدها في العملية البطولية اليمنية، الأولى أنها أطاحت بمسلّمة خطرة آمن بها مهرولو تطبيع المنطقة كأحد أركان الأمن والأمان لـ»إسرائيل» تقيهم حر الصيف وبأس الشتاء، وأن «إسرائيل» هي الضمان الوحيد لكراسي حكمهم المستبد وستقف حصناً مانعاً من غضبة شعوبهم المقهورة الفقيرة المضطهدة، غير أن القومية والدين والولاء القبلي لن يغيثهم إذا ما غضبت الشعوب غضبة «مضريّة»، ولهذا فقصور هؤلاء معمورة بخبراء «إسرائيليين»، ابتداءً بخبراء التجميل وليس انتهاءً بخبراء الطبخ والمشورة السياسية والبروتوكول وحارس واستعلامات البوابات، فكانت الحقيقة أن «إسرائيل» -بصدق المقاوم نصر الله- أوهن من بيت العنكبوت.
الحقيقة الثانية: أن الإيمان بأي قضية من القضايا، مدعوماً بالثقة بالله تعالى، ومؤيداً بالصلة الوثيقة بين القائد والشعب والإخلاص، لا بد أن يكون ضماناً للنصر الأكيد والنهاية السعيدة!
لقد سقط في يد المرجفين والمطبعين حاوية «جالاكسي»، فكيف استطاعت ثلة وفئة قليلة أن تصنع بطولة من هذا الطراز وأيديها مكبلة بحصار جاوز تسع سنوات فرضه عالم العار مكللا ببحار البترول وأكداس الذهب والفضة، مزمّنا بالشماغ الأحمر يزهو به بدو الأمية ورعاء الشاة يتطاولون في السفه والبنيان والفجور ومراكز الترفيه وصمت منابر الحرمين الشريفين!
«جالاكسي» أوجز، لم تنفعها أساطيل تمخر عباب المتوسط، ولا مئات ألوف أبناء الملاجئ عديمي الانتماء الأسري، ولن ينفعها شيء آخر غير الشرف وحسن الاستقامة والسلوك الذي بشرت به الأديان والقيم الفاضلة السوية!!
وليس آخراً فقد خلقت «جالاكسي» انقلاباً في المفهومات لمعنى القوة والغطرسة معاً، وحسن العاقبة لمن اتعظ بغيره، كما قال السيد المسيح.

أترك تعليقاً

التعليقات