ألعاب الجوع..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

في الفيلم الأمريكي الشهير «ألعاب الجوع» يُحصر المشاركون جميعاً في ساحة واسعة تسمى «الميدان»، وبمجرد أن تبدأ المباراة يتقاتلون في ما بينهم بطريقة عشوائية وغير منتظمة، فكل أنواع القتل مباحة ولا وجود لمحظورات أو ممنوعات، وبرغم أن شخصين تمكنا من الفوز في النهاية لأسباب غرامية مستجدة، فإن قانون اللعبة الأصلي ينص على أن النجاة ليست سوى لشخص واحد فقط.
عندي إحساس بأن النهاية في محافظة «عدن» المحتلة ستكون شبيهة جداً بنهاية هذا الفيلم، فالناس هناك يعيشون سيناريو لا يكاد يختلف بشيء عن ألعاب الجوع، وأصبح كل كائن حي يقتل كل كائن حي يظهر أمامه، وهناك لا يسمح للمواطن بمطالبة المسؤولين بشيء، بل على العكس من ذلك قام مدير عام شرطة محافظة «عدن» بمطالبة المواطنين بحمل بطائقهم معهم عند الخروج من البيت، وذلك لكي يعرفوا هويتك دون تعب وعناء حين تتعرض للقتل من قبل مسلحين مجهولين كالعادة، أي أن الأجهزة الأمنية هناك بات شغلها الشاغل البحث عن هويات الجثث ودفنها في المقابر، بعيداً كل البعد عن ترهات ملاحقة الجناة وتحريز وحفظ آثار الجرائم.
في تلك البلاد من الممكن أن تخرج لشراء الخبز ولا تعود، فجأة ترى نفسك قد أصبحت جثة هامدة تنتظر مدير الأمن الموقر ليكتشف هويتها، مجرد التفكير بذلك الوضع يشعرك بالخوف، فما بالك بالعيش هناك، ولهذا بات الناس يهربون من هناك أفواجاً باتجاه المحافظات الحرة.
آخرهم رجل الأعمال الجنوبي «سعيد الميسري» الذي استطاع بعد عناء شديد النفاذ بجلده والفرار بأسرته إلى محافظة صنعاء، حيث لم يجد ملاذاً ينقذه من فصائل الارتزاق التي أذاقته كل أنواع الإذلال والابتزاز غير الكهنوتيين الانقلابيين (المتوحشين)، وفور وصوله إلى صنعاء نشر تغريدة على «تويتر» يشكر الله فيها ويحمده على وصوله إلى مناطق سيطرة «الحوثي»، ويشهد فيها للحوثيين برقي أخلاقهم وتعاملهم مع الناس.
عندما كان الرجل في عدن تعرض للسجن من قبل مليشيات المجلس الانتقالي بتهمة العمالة لحزب الإصلاح، وبعد أشهر من الإذلال تم الإفراج عنه مقابل دفع مبلغ مالي ضخم لمليشيات «الانتقالي»، ولم يكد يرى الشمس حتى اعتقلته مليشيات الإصلاح بتهمة الخيانة لصالح «الانتقالي»، هذه «عدن» باختصار.
ومن لم يفقه الفرق بعد، فليسأل نفسه لماذا يخاف المواطن الشمالي من الذهاب إلى الجنوب، بينما تكتظ صنعاء بالعدنيين والحضارم وأبناء شبوة والمهرة وأبين!
أنا مثلاً ترتعد فرائصي لمجرد التفكير بالسفر إلى عدن، وفوراً أتخيل نفسي مصلوباً على نخلة وغربان «الانتقالي» تأكل من رأسي، بينما صديقي العدني قال إنه لا يشعر بالأمان وراحة البال إلا في صنعاء.
طبعاً في فيلم «ألعاب الجوع» لا يسمح لأحد بالانسحاب والخروج من ميدان اللعبة، أي أنه لا مفر من الموت مطلقاً، أما في النسخة العدنية من الفيلم يستطيع المرء ولو بصعوبة أن ينسحب من ميدان اللعبة ويفر إلى صنعاء.
المهم يا إخوتنا وأعزاءنا الجنوبيين جميعكم مرحب به في صنعاء دون استثناء، وإذا نويتم الهجرة نحو الشمال (الحوثي) فلا تنسوا أن تأخذوا بطائقكم معكم، وذلك لكي لا يتعب مدير الأمن الموقر إذا حدث لكم مكروه لا سمح الله قبل خروجكم من حدود عدن، والسلام ختام.

أترك تعليقاً

التعليقات