مختلفون..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

أحدهم يحب أن يتفاخر بلقبه بشكل مبالغ فيه، ويفني هذا الشخص حياته وهو يحلف للآخرين إنه استثناء، مخلوق من ذهب وليس من طين كبقية البشر.
وآخر يحب أن يتفاخر بمواقفه البطولية الوهمية التي ينسجها من وحي خياله، وأعتقد أن هذا الشخص عندما يقف أمام المرآة فإنه لا يرى نفسه إنساناً عادياً، بل يرى «غراندايزر» أو «سوبر مان» على أقل تقدير.
وثالث يتفاخر بثقافته العالية ورسوخه في العلم، ورابع يتفاخر بثرائه الفاحش وأمواله الطائلة، وخامس يتفاخر بصورة التقطها لنفسه أثناء مرور أحد المشاهير صدفة بالقرب منه.
هناك أنواع لانهائية من المتفاخرين العجيبين الغريبين، الذين يجعلونك بمجرد رؤيتهم تحمد الله وتشكره على نعمة العقل، مع العلم أن التفاخر ونفش الريش على الآخرين يختلف تماماً عن الشعور الطبيعي بالفخر.
أنا شخصياً لا أحب التفاخر بأي شيء على أي شخص، وفي الحقيقة لا يوجد في حياتي ما يدعو للتفاخر أصلاً، فأنا أعلم يقيناً أنني مخلوق من طين كسائر الناس، وليس في رصيدي أي مواقف بطولية خارقة، ولا تربطني علاقة بالمثقفين وأصحاب المصطلحات العميقة، كما أن جيوبي فارغة طوال الوقت، وللأسف الشديد لم يحالفني الحظ حتى الآن بالتقاط صورة تجمعني بشخصية معروفة فنياً أو سياسياً
باستثناء شيء واحد فقط قررت أن أتفاخر به أمام الآخرين، وهو أنني من «أنصار الله»، فالانتماء لهذه المسيرة القرآنية أعظم شرف قد تحصل عليه في حياتك، ذلك أن الأنصار مختلفون عن كل الأحزاب والمكونات السياسية التي نعرفها، لا يقبلون الأوساخ، ويقذفون من اتسخ خارجاً.
لقد ظلت البلاد تحت حكم حزب «المؤتمر الشعبي العام» عشرات السنوات، وجميعنا نعلم أن كل الحكومات التي تعاقبت على الحكم كانت فاسدة بشكل مهول لا يقارن بفساد اليوم، ورغم ذلك لم نسمع من قبل عن مؤتمري اتهم مؤتمرياً بالفساد سواءً مالياً أو إدارياً، كانوا يتقاسمون نفط الشعب ويستر كل واحد سوءة الآخر.. وكانت الوزارات والدوائر الحكومية أشبه بالبيوت، لا يدخلها إلا أقارب المدير أو الوزير، حتى أصبح الفساد مظهراً عادياً من مظاهر الحياة لا يستوجب استنكاراً أو غضباً.
الإخوان المتأسلمون أيضاً كان لهم نصيب وافر من كل الحكومات، وفي الفترة التي سبقت ثورة 21 أيلول كان الحكم كله لهم، وكانت لصوصيتهم أبشع وأقذر من لصوصية غيرهم، ولم نسمع عن إخواني اتهم إخوانياً بالفساد واللصوصية.
نحن نتفق أن كل الأحزاب والمكونات السياسية تحتوي على بشر خطّائين وليس ملائكة، وبالرغم من ذلك فإننا أيضاً لم نسمع عن اشتراكي اتهم اشتراكياً بالفساد والسرقة.
وحده صديقنا «الحوثي» إذا رأى مسؤولاً محسوباً على «الحوثيين» بدأ يربي كرشه، فإنه يتبرأ منه فوراً ويكون أول الواقفين في وجهه والمطالبين بمحاسبته.. ومواقع التواصل الاجتماعي خير شاهد على ذلك.
حتى هذه الصحيفة التي ولدت من رحم ثورة «21 أيلول»، لا تنفك تجلد بسوط صفحاتها ظهور الفاسدين والزائغين من مسؤولي الثورة ذاتها.
إنها مسيرة تقذف خارجاً كل من يزوغ عن قيمها ومبادئها، لهذا أنا على يقين بأن كل فاسد سيخضع عاجلاً للحساب العسير، وسأظل أتفاخر بانتمائي لهذا المشروع القرآني المختلف عن كل الأحزاب والتنظيمات.. وكل يتفاخر بما شاء.

أترك تعليقاً

التعليقات