قناع الحُماة..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

كان هناك لص خبيث لا يسلم من يده الطويلة أحد، يسرق المنازل والدكاكين والسيارات والأشخاص وجميع الكائنات الحية وغير الحية، لدرجة أن عينه لا ترى الناس ناساً والأشياء أشياء، بل ترى كل ما يصادفها غنيمة.
ورغم كل ذلك، كان أكثر عمل يقوم به هذا اللص هو إلقاء الخطب والمحاضرات الأخلاقية في تحريم السرقة ومدى فظاعتها وبشاعة مرتكبيها.. وبالتأكيد يفعل ذلك لكي يخلو له الجو، ويتخلص من منافسيه.
إذا وجد أحدهم يسرق بيتاً دسماً فلن يسمح له بالنجاة بفعلته، سيقف في وجهه ويمنعه بكل الوسائل، سيجمع عليه الشرطة والمشائخ والوجاهات حتى يتحول الموضوع إلى قضية رأي عام، وعندما يحقق مبتغاه ويتم سجن السارق سيركض على الفور لسرقة المنزل بدلاً منه.. يعني سارق يسرق سرقة سارق.
قبل أيام عقد مجلس الأمن اجتماعاً لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا، وقد وجدنا أن الاجتماع ضم الكثير من عينة السارق الذي تحدثنا عنه مندوب بريطانيا في مجلس الأمن قال إنهم يحثون ملتقى الحوار الليبي على التوصل إلى حكومة ترضي الجميع، ولا مكان للمقاتلين الأجانب في ليبيا وانتهاك سيادتها.
والمندوب الفرنسي بدوره عبر عن ضرورة دعم العملية السياسية في ليبيا، داعياً الأطراف الليبية لدعم ملتقى الحوار الداخلي.
ثم تأتي بعدهم قاضية القضاة وحامية العدالة المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز، لتؤكد حتمية إعادة المرتزقة الأجانب في ليبيا إلى بلدانهم.
هذه التصريحات الحازمة الصارمة تكشف لنا نفاق مجلس الأمن وميوله لمساندة السياسات الاستعمارية والاستبدادية، فهؤلاء لا يتخذون موقفاً إلا من منطلق الطمع والجشع.
إن هذا الغضب من التواجد التركي الروسي في ليبيا نابع من اعتقادهم بأنهم أحق بها من غيرهم نظراً للقرب الجغرافي، ولذلك يقومون بلعب دور المدافع عن المستضعفين والمقهورين، وبعد التغلب على تركيا وروسيا سيلتهمون ليبيا لقمة واحدة.. تماماً كما يفعل اللص الذي تحدثنا عنه.
الأمر الآخر أن بريطانيا وفرنسا آخر من يتحدث عن انتهاك السيادة والمقاتلين الأجانب، فقد قلنا مليون مرة إنه لا يجوز لتلك التي تقضي الليالي في الكباريهات ودور البغاء أن تلقي المواعظ عن الشرف والعفة.
بريطانيا التي تهوى احتلال الأوطان ونهب الثروات تتحدث عن حرمة السيادة!
بريطانيا التي وعدت الصهاينة بمساندتهم لاغتصاب فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لهم!
بريطانيا التي احتلت اليمن ومصر والعراق والصومال والسودان!
ثم فرنسا التي احتلت دول المغرب العربي على مدى أكثر من 100 عام وقتلت الملايين، تبدي حرصها على العرب!
أما ستيفاني وليامز فقد أثبتت أن الأمم المتحدة مجرد عصابة ساقطة متناقضة في ما بينها، كالحرباء تتلون كل يوم وكل دقيقة.
الأمم المتحدة ترى أن هناك مرتزقة أجانب في ليبيا ويجب إعادتهم إلى بلدانهم في أسرع وقت، بينما السودانيون والسعوديون والإماراتيون والكولومبيون والبلاك ووتر الذين يقاتلون في اليمن ليسوا أجانب، ووجودهم شرعي، حتى القواعد الصهيونية التي ينشئونها في سقطرى شرعية جداً جداً.
اليمن يمثل لقوى الاستكبار ملفاً خطيراً، ولكن تتقاطع فيه المصالح حسب تقلبات الوضع، فالكل يريد بسط يده على الأرض، ولاسيما "إسرائيل" التي تريد استمرار الحرب كضمانة لها بانشغال أنصار الله عنها، كونهم يشكلون رعباً وقلقاً حقيقياً للكيان على المستوى السياسي والعسكري وبالأخص العقائدي.. وهو الأهم بالنسبة لهم.
لذلك نجد أن بريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة وغيرها من الكيانات التي تعمل على خدمة الصهيونية دون هوادة، تتخذ مواقفها وفقاً لما يخدم سياساتها الاستعمارية، تتهم غيرها بانتهاك السيادة وهي أكبر من ينتهك السيادة.
كلكم لصوص، وكلكم استبداديون، اتركوا التمثيل واخلعوا قناع الحماة المدافعين عن الشعوب.

أترك تعليقاً

التعليقات