عقدة نفسية..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
أن تجسد الأخلاق الفاضلة والإيمان بعملك على أرض الواقع وبصمت تام، خير من ألف سنة تقضيها في الموعظة ونصح الآخرين دون عمل.
الكلام لا فائدة منه، وأعتقد أنه سبب كل البلاوي والنكبات التي تلاحق هذا الشعب، فلو أغلق الجميع أفواههم وعملوا بصمت ونية خالصة لاقتدى كل شخص بالآخر، وكانت الدنيا بخير.
أنا مصاب بعقدة نفسية يا ناس، عقدة من أولئك الذين يتكلمون كالملائكة وهم يفتقرون إلى أبسط الأخلاقيات الفطرية.
مررت بكثير من هؤلاء المنافقين في حياتي، حتى أصابتني هذه العقدة النفسية، ولا أعتقد أنني سأجد لها علاجاً في الوقت الحالي.
أحد الأصدقاء كان يجعلني أخجل من كمية الحب والود التي يظهرها لي، وكان لا يفتأ يحدثني عن الأخوة والصدق والوفاء، وكنت أراه يتنهد بحزن عندما يشرح لي أن هذه الخصال -التي يتحلى بها طبعاً- قد أصبحت شبه منعدمة في زماننا هذا.
وفي نهاية الأمر اكتشفت أنه يكيد لي من وراء ظهري أشياء عجيبة، وبلا سبب أو دافع منطقي يبرر له ذلك، يعني كما يقول الشاعر:
يريك البشاشة عند اللقا ** ويبريك في السر بري القلم
طبعاً هذه مشكلة شخصية وأنا أعتذر عن إشغالكم بها، ففي الأصل أردت أن أحدثكم عن موضوع أهم.
الكارثة الحقيقية عندما يمتلك الشخص منبراً لا يستحقه، فتراه على الدوام يعظ الناس وينصحهم بتقوى الله والعمل الصالح، ويحدثهم عن أهمية الأخلاق الفاضلة والإحسان للآخرين.
تظنه ملاكاً حين يتحدث، وبمجرد أن تحتك به شخصياً أو تتعامل معه تصيبك صدمة من واقعه السيئ، فلا تجد أثراً للتقوى والأخلاق وكل تلك الأشياء التي يتحدث عنها.
يا جماعة هذه العقدة النفسية التي أعاني منها لم تأتِ من فراغ، تخيلوا أنني أعرف شخصاً لديه موهبة خارقة في التلبس بالإيمان، لدرجة أنه إذا  اعتلى المنبر وتحدث عن الجهاد والإخلاص فإن عينيه تدمعان وصوته يتقطع، أما حين يتحدث عن عشقه وانتمائه للمسيرة القرآنية فتراه يجهش بالبكاء على الفور.
والحقيقة أن هذا الشخص يسيء للمسيرة القرآنية بواقعه السيئ وتصرفاته اللاأخلاقية تجاه الآخرين.
وفي المقابل أعرف شخصاً لا يتكلم ولا يحب إلقاء المواعظ والخطب الرنانة، وأقسم لكم إنني أحتاج سنين ضوئية حتى أصل لمستوى أخلاقه وإيمانه وجهاده وإخلاصه.
الخلاصة أنا لست ضد المنابر، ولكنني ضد إعطاء المنابر لمن لا يستحقها، وطبعاً، لم أقصد في حديثي خطباء المساجد، فالمنبر قد يكون أيضاً قناة تلفزيونية أو إذاعة أو صحيفة.
كما أنني لا أعارض قول الله تعالى: “وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين”.
بل أرجو ألا نكون ممن قال الله عنهم: “كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”.
فقط أتمنى ممن يعظ ويذكر، أن يقتدي برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ويجسد أخلاقه على أرض الواقع.

أترك تعليقاً

التعليقات