الخازوق العثماني..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
أيام المدرسة الابتدائية، كنت وزملائي الأطفال نقف شامخين في طابور الصباحK ونردد النشيد الوطني بحماس حتى تكاد حناجرنا تتقطع.
وعندما نصل إلى ختام النشيد «لن ترى الدنيا على أرضي وصيا»؛ فإننا نحرص على ترنيم هذا الشطر بإيقاع خاص جداً، ونحاول تضخيم أصواتنا الطفولية لنبدو كفرقة مارش عسكرية.
طبعاً من يتمايل أثناء النشيد الوطني أو يتراخى أو ينشغل بشيء آخر، فكان لدى الأستاذ «لَيّ جلدي» مهمته إعادة هؤلاء إلى جادة الصواب، وجلدة لافحة يأكلها عديم الحظ بينهم تكفي ليقف الجميع منتصبين ثابتين كأعمدة رخامية.
المثير للسخرية أننا كنا نصيح: لن ترى الدنيا على أرضي وصيا... بينما السفير الأمريكي داخل القصر الجمهوري يهدد الرئيس بأنه سيقضي عليه إذا لم يجد حلاً لـ»الحوثيين»..!
ثم يقوم باستدعاء وزير الدفاع والقادة العسكريين ويأمرهم بتكثيف القصف على مدينة صعدة، وإبادة أطفالها ونسائها وكل كائن يمشي أو يطير أو يزحـف إذا لزم الأمر.
كان السفير الأمريكي بمثابة إله لا يجرؤ حتى «رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن»، على معارضته أو عصيان توجيهاته المقدسة.
يحصل كل هذا ونحن مبرمجون كالآلات على الترديد يومياً: لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.
وعلى بعد كيلومترات من المدرسة تقوم فتاتان أمريكيتان بالإشراف على تدمير ترسانتنا العسكرية وصواريخنا الدفاعية، والعميل «عمار صالح» يبتسم لهما كالأهبل.
واللهِ إنها قمة المسخرة.. أن يُضرب الأطفال من أجل ترديد النشيد الوطني بينما البلد في ذروة الانبطاح والوصاية والارتهان.
المؤلم في الموضوع يا ناس أن ذلك النظام المنبطح انتهى وولى زمانه منذ سنوات، وزعيم الخيانة «عفاش» مات ولقي مصرعه، ومايزال البعض مصرين على الانبطاح بشكل عجيب.
بالله عليكم هل يعتبر الزعل والحنق بسبب هدم النصب التذكاري التركي أمراً طبيعياً؟
أولئك الذين انزعجوا لم يستوعبوا بعدُ أن النظام العفاشي البائد اختفى وولى إلى غير رجعة، نفسياتهم وعقولهم فسدت تماماً.
سواء كان هدم النصب عملاً فردياً أو جماعياً.. فإنه يمثلني كمواطن يمني حر.
عيب علينا كيمنيين أن نبني نصباً تذكارياً للمحتل الغازي، هذا غير منطقي أصلاً.
وهل من المنطق أن يأتي العثمانيون ليحتلوا بلدنا ويقتلونا ويسفكوا دماءنا، ثم نضع لهم نصباً تذكارياً؟!
ناهيكم عن ذلك.. يكفينا سبباً اللقاء الحميم الأخير الذي جرى بين «أردوغان» «ويسحاق» رئيس الكيان الصهيوني الغاصب، يعني إن لم تكن فيك كرامة فاعتبر الأمر إكراماً لإخوتنا الفلسطينيين على الأقل.
يكفي عار المحافظات الجنوبية المحتلة التي ترفع صور قتلى الإمارات في شوارعها على أنهم شهداء، وفي نفس الوقت يصيحون من الاحتلال الإماراتي وسجونه السرية وانتهاكاته الوحشية بحقهم.
لا يوجد شخص سوي سيرضى ببناء نصب تذكاري للمحتل الغازي، ولا شك أن هدم «النصب التركي» تصرف إيجابي تأخر كثيراً.
المهم يا جماعة.. أنا ضابح والموضوع بديهي وواضح جداً ولا يحتاج مقالات وتوعية وهدار.
لذلك بما أن العثمانيين أول من استخدم «الخازوق» كأداة للتعذيب في السجون، فأنا أتمنى «خازوقاً» يعالج أي واحد مريض زاعل على النصب التذكاري التركي.

أترك تعليقاً

التعليقات