محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
لم يكن عقيد العدوان ياسر الحاشدي، رئيس غرفة عمليات ما يسمى "حرس الحدود" المرابط في جبهة البقع، والذي اغتيل الأسبوع الفائت في شارع وادي القاضي وسط مدينة تعز المحتلة والمهيمن عليها من قبل مليشيا حزب الإصلاح، هو أول ضحايا الاستلاب الخونجي لأرواح مواليهم، مثلما لن يكون الأخير بالطبع، فالقائمة طويلة جدا ويزداد روادها باضطراد.
إذ إنه وخلال سنوات الحرب العدوانية الآثمة شهدت الساحة التعزية المحتلة، وخصوصا في نطاق هيمنة الخونج العشرات من العمليات المماثلة التي استهدفت إزاحة وتصفية العديد من القادة العسكريين والرؤوس الكبيرة التي أينعت بعد أن استوفت خدماتها للإصلاحيين وحان قطافها من منظور المطاوعة أنفسهم الذين عرف عنهم وعن الخونج عموما وأينما وجدوا على امتداد المعمورة جحودهم وتنكرهم المبتذل لكل من والاهم وخدمهم من خارج دائرتهم الحزبية والتنظيمية الضيقة والمغلقة على غرار المجتمعات اليهودية المعروفة بانغلاقها الذاتي والطبقي عن محيطهم الاجتماعي.
فقبل ياسر الحاشدي، كان الدور قد حان على سلفه، عدنان الحمادي، الذي جرى تعميده وفي المراحل المبكرة من العدوان وبمباركة الإخوان أنفسهم قائدا لما يسمى "اللواء 35 مدرع" في نطاق مناطق تعز المحتلة المهيمن عليها من قبل الخونج، بحيث لم يدخر الحمادي آنذاك جهدا في خدمتهم وخوض حروبهم وتنفيذ أجندتهم الاستحواذية على امتداد مناطق المحافظة إلى حين انتهاء صلاحيته من منظورهم، بحيث لم تفلح معها كل مظاهر الحراسة الأمنية والعسكرية المشددة التي اعتاد الحمادي آنذاك إحاطة نفسه ومقار عمله ومنزله وحتى قريته بها، والتي لم تعد مجدية إجمالا، كون المطاوعة كانوا قد نجحوا أصلا وفي خضم عملهم المشترك معه ليس فحسب في اختراق هيئات ومفاصل أركان قيادته ولوائه، وإنما أيضا في اختراقه من الداخل ومن محيط أسرته تحديدا بحيث لم يتطلب أمر إزاحته من مشهد الحياة الإنسانية سوى طلقتي مسدس فقط وعن قرب وبدون حتى كاتم صوت وفي غرفة نومه أيضا إن جاز التعبير.
وهو الأمر ذاته المنطبق على الأفندم سعيد شكير المنحدر من منطقة الزعازع (شمايتين) والذي تم إلحاقه بالحمادي بعد فترة وجيزة من تصفية الأول وبالطريقة ذاتها وإن بشكل أكثر وضوحا وعلنية هذه المرة، وذلك بعد أقل من شهر واحد على تكريمهم -أي المطاوعة- لضحيتهم شكير على بسالته في خوض حروبهم التي تداولها في مختلف الجبهات من ميدي إلى مدينة تعز ومأرب ومناطق الوازعية وغيرها، مكللين حفاوتهم بشكير آنذاك بترقيته إلى رتبة عقيد، ومن ثم تصفيته في اليوم التالي مباشرة على يد مجموعة من القتلة التابعين للواء الرابع مشاة جبلي الذي يقوده الإخوانجي سيئ الصيت أبو بكر الجبولي وبذريعة مكافحة التبلطج كما قيل وأعلن عنه في وسائل إعلامهم المرئية والمقروءة آنذاك.
والأمر ذاته ينطبق بشكل أو بآخر على القيادي الاشتراكي وشيخ منطقة المساحين (شمايتين) وصاحب الماضي النضالي العريق في الجبهة الوطنية طه سعيد مقبل الذي اغتيل برصاص من الخلف أثناء خوضه إحدى معارك الخونج الضارية في منطقة الضباب قبل عامين، وليتم تشييعه بعدئذ كشهيد في معركة الدفاع عن العروبة أمام المد "الوثني الفارسي"، وذلك بالتوازي أيضا مع قيامهم -أي الخونج- وفي اليوم ذاته وبنفس الطريقة الغادرة، بتصفية كل من الشيخ سرور المحمدي والشيخ سلطان ياسين المفت، وبرصاص منطلقة من الخلف أيضا، وأثناء تموضع هذين الضحيتين في خط تماس المواجهة المباشرة والملتحمة آنذاك مع الحوثيين في جبهة نجد قسيم، صبر -المسراخ.
في النهاية، المحصلة واسعة وقائمة ضحايا الخونج في هذا المنحى لا حصر لها وستحتاج بالتأكيد إلى سرد مسهب ومفصل لن يتسع المجال لذكره هنا وإنما في قادم الأيام إذا ما قدر لنا خلالها تجنب غضبة الخونج.


الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع  عن الأحرار السود في اليمن ـ  رئيس قطاع الحقوق والحريات  في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات